فالواجب أن لا يقضي بنجاسته إلا بدليل لا تنازع فيه ولا مدفع له ونحن نذكر ما نختاره من المذاهب في الماء ها هنا ونذكر معنى حديث ولوغ الكلب وغسل اليد في باب أبي الزناد إن شاء الله عز وجل قال أبو عمر الدليل على أن الماء لا يفسد إلا بما ظهر فيه من النجاسة أن الله عز وجل سماه طهورا فقال * (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) * وفي طهور معنيان أحدهما أن (*) يكون طهور بمعنى طاهر مثل صبور وصابر وشكور وشاكر وما كان مثله والآخر أن يكون بمعنى فعول مثل قتول وضروب فيكون فيه معنى التعدي والتكثير يدل على ذلك قوله عز وجل * (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم) * وقد أجمعت الأمة أن الماء مطهر للنجاسات وأنه ليس في ذلك كسائر المائعات الطاهرات فثبت بذلك هذا التأويل وما كان طاهرا مطهرا استحال أن تلحقه النجاسة لأنه لو لحقته النجاسة لم يكن مطهرا أبدا لأنه لا يطهرها إلا بممازجته إياها واختلاطه بها فلو أفسدته النجاسة من غير أن تغلب عليه وكان حكمه حكم سائر المائعات التي تنجس بمماسة النجاسة لها لم تحصل لأحد طهارة ولا استنجى أبدا والسنن شاهدة لما قلنا بمثل ما شهد به النظر من كتاب الله عز وجل فمن ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصب على بول العرابي دلو من ماء أو ذنوب من ماء وهو أصح حديث يروى في الماء عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن البول إذا صب عليه الماء مازجه ولكنه إذا غلب الماء عليه طهره ولم يضره ممازجة البول له وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال أخبرنا قاسم بن أصبغ قال أخبرنا محمد بن إسماعيل قال
(٣٣٠)