الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٥٧٨
قال أبو عمر هذا التأويل أظهر في معنى حديث هذا الباب والله أعلم قال بن المبارك - رحمه الله (إن الجماعة حبل الله فاعتصموا * منه بعروته الوثقى لمن دانا) (لولا الخلافة لم تؤمن لنا سبل * وكان أضعفنا نهبا لأقوانا) في أبيات قد ذكرتها في التمهيد وفي حديث زيد بن ثابت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم (1) وقد روى هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم جبير بن مطعم وعبد الله بن مسعود وأنس بن مالك كما رواه زيد بن ثابت وقد ذكرنا أحاديثهم من طرق في كتاب بيان العلم وفضله وفي كتاب التمهيد أيضا في معنى قوله ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم أي لا يكون القلب المعتقد لهن غليلا وفي هذا الباب حديث عجيب بمعنى حديث سهيل رواه الحارث الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكرته بطوله في التمهيد وروى بن عباس وأبو ذر وأبو هريرة بمعنى واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات على ذلك فميتته جاهلية (2) ومن حديث بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من نزع يدا من طاعة ومات ولا طاعة عليه كانت ميتته ضلالة ولا حجة له (3) ومن حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجماعة رحمة والفرقة عذاب والآثار في هذا المعنى كثيرة جدا وقد ذكرت كثيرا منها في التمهيد وتكلمت بما أحضرني في معانيها
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 ... » »»