الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٥٨٠
الله صلى الله عليه وسلم حين حضرته الوفاة كانت قوله الله الله الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم والقول الثاني إضاعة المال ترك إصلاحه والنظر فيه وتنميته وكسبه واحتج من قال بهذا القول - فيس بن عاصم المنقري لبنيه حين حضرته الوفاة يا بني عليكم بكسب المال واصطناعه فإن فيه منبهة للكريم ويستغنى به عن اللئيم ويقول عمرو بن العاصي في خطبته حيث قال يا معشر الناس [إياكم وخلالا أربعة تدعو إلى النصب بعد الراحة وإلى الضيق بعد السعة وإلى المذلة بعد العز إياكم وكثرة العيال وإخفاض الحال والتضييع للمال والقيل والقال في غير درك ولا نوال والقول الثالث إضاعة المال إنفاقه في غير حقه من الباطل والإسراف والمعاصي وهذا هو الصواب عند ذوي الدين والألباب روى بن وهب قال حدثنا إبراهيم بن نشيط قال سألت عمر مولى عفرة عن الإسراف ما هو فقال كل شيء أنفقته في غير طاعة الله وفي غير ما أباحه الله فهو إسراف وإضاعة للمال وروى أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا يعلى بن عبيد عن محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير أنه سأله رجل عن إضاعة المال فقال أن يرزقك الله رزقا فتنفقه في ما حرم الله عليك وهكذا قال مالك - رحمه الله - وأما قوله وكثرة السؤال ففيه قولان أحدهما كثرة السؤال عن المسائل النوازل المعضلات في معاني الديانات والآخر كثرة السؤال في الاستكثار من المال والكسب بالسؤال وأما الوجه الأول فقد أوضحناه بالآثار في كتاب العلم وسيأتي معنى السؤال للمال في موضعه من هذا الكتاب بعد إن شاء الله تعالى وقد روى بن وهب وبن القاسم وأشهب بمعنى واحد عن مالك أنه قال أما نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كثرة السؤال فلا أدري أهو الذي أنهاكم عنه من كثرة المسائل [فقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم] كثرة المسائل وعابها أم هو مسألتك الناس قال أبو عمر كان أبي بن كعب وزيد بن ثابت وجماعة من السلف يكرهون السؤال في العلم عن ما لم ينزل ويقولون إن النازلة إذا نزلت المسؤول عنها
(٥٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 575 576 577 578 579 580 581 582 583 584 585 ... » »»