وأما أهل الظاهر فقالوا هو عاص إذا كان بالنهي عالما وقد مضى في باب النهي عن أكل ذي ناب من السباع الأصل ما يكون من النهي نهي تحريم وما يكون منه على وجه الأدب والندب والاستحسان فلا وجه لإعادته وقد روى جابر بن عبد الله في هذا الباب مثل ما رواه أبو هريرة أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني أبو داود قال حدثني أبو الوليد الطيالسي قال حدثني زهير قال حدثني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه ولا يمش في خف واحدة ولا يأكل بشماله (1) وحديث أبي هريرة وحديث جابر هذان صحيحان ثابتان وقد روي عن عائشة - رضي الله عنها - معارضة لحديث أبي هريرة في هذا الباب ثم لم يلتفت أهل العلم إلى ذلك لأن السنن لا تعارض بالرأي فإن قيل لم تعارض أبا هريرة برأيها وإنما ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما انقطع شسع نعله فمشى في نعل واحد قيل لم يرو هذا والله أعلم إلا مندل بن علي عن ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ومندل وليث ضعيفان لا حجة في ما نقلا منفردين فكيف إذا عارض نقلهما نقل الثقات [الأئمة] وبالله التوفيق ذكر أبو بكر قال حدثني بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة كانت تمشي في خف واحدة وتقول لأخيفن أبا هريرة وهذا هو الصحيح لا حديث مندل عن ليث وقد روي عن علي - رضي الله عنه - أنه مشى في النعل الواحدة وهذا يحتمل أن يكون يسيرا وهو يصلح الأخرى وأن يكون لم يبلغه ما رواه أبو هريرة وجابر فما من الصحابة إلا من غاب عنه بعض السنن وكانت عند غيره منهم على أن حديث علي لا يثبت لأنه إنما يرويه [زياد بن أبي يزيد] عن رجل من
(٣١٣)