الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٣٠٨
كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة أيقظوا صواحب الحجر (1) هذا الحديث يروى مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفهمه يحيى بن سعيد من رواية مالك ولا من رواية غيره عنه وقد ذكرنا الاختلاف على يحيى بن سعيد فيه في التمهيد وقد جوده معمر عن بن شهاب حدثني سعيد بن نصر قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني بن وضاح قال حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثني بن المبارك وأخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثني أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثني عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن هند بنت الحارث عن أم سلمة أن النبي استيقظ ليلة فقال سبحان الله ماذا أنزل الله عز وجل من الفتن وماذا فتح من الخزائن وهذا لفظ بن المبارك وقال عبد الرزاق بإسناده عن أم سلمة قالت استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وهو يقول لا إله إلا الله ماذا فتح الله من الخزائن لا إله إلا الله ماذا أنزل الله من الفتنة ثم اتفقا فقالا من يوقظ صواحب الحجر رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة وقال عبد الرزاق يا رب كاسيات في الدنيا عاريات يوم القيامة في هذا الحديث علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عن غيب وقع بعده وذلك أنه فتح الله على أمته بلدان المشرق والمغرب من ديار الكفر ودرت به الأرزاق وعظمت الخيرات وذلك كله من خزائن رحمة الله ووقع من الفتن بعده منذ قتل عثمان - رضي الله عنه - إلى يومنا هذا ما لا يحيط بعلمه إلا هو ولن يزال الهرج إلى قيام الساعة - والله أعلم وأما قوله أيقظوا صواحب الحجر فالحجر جمع حجرة وهي بيوت أزواجه صلى الله عليه وسلم أمر أن يوقظن في تلك الليلة لئلا يكن من الغافلين في ليلة فيها آية من آيات الله - عز وجل - ولعلها كانت ليلة القدر التي يفرق فيها كل أمر حكيم أو غيرها فقد كانت فيها آية
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»