الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٩٩
محمد بن إسماعيل قال حدثني الحميدي قال حدثني سفيان عن عمرو عن سعيد بن جبير عن بن عمر قال فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين وقال ((حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها)) قال يا رسول الله ما لي قال ((ما لك إن كنت صادقا فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت فهو أبعد لك)) قال الشافعي [تفريق النبي] صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين تفريق حكم ليس لطلاق الزوج فيه مدخل وإنما هو تفريق أوجبه اللعان فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ((لا سبيل لك عليها)) قال أبو عمر هذا كله [معنى] قول مالك ومذهبه وفي قوله عليه السلام ((لا سبيل لك عليها)) دلالة واضحة أن اللعان هو الموجب للفرقة بينهما [وأن الحاكم إنما ينفذ في ذلك الواجب من حكم الله تعالى] ولم يكن تفريق النبي - عليه السلام - بين المتلاعنين استئنافا من حكم وإنما كان تنفيذا لما أوجب الله تعالى من المباعدة بينهما وهو [معنى] اللعان في اللغة فعلى الحاكم أن يعلمها بأن اللعان فراق بينهما وأن قصر عن ذلك ولم يقل فرقت بينهما فالفرقة واقعة بتمام اللعان لقوله صلى الله عليه وسلم ((لا سبيل لك عليها)) وحجة الشافعي في قوله إذا أكمل [الزوج] التعانة عليها إلى آخر الخامسة وقعت الفرقة بينه وبين امرأته وزال فراشه التعنت المرأة أو لم تلتعن أنه لما كان التعان الزوج يسقط الحد عنه وينفي الولد عن فراشه إن نفاه في [التعانه] كان كذلك قطع العصمة ورفع الفراش [ووجوب الفرقة لأن المرأة لا مدخل لها في الفراق وقطع العصمة ورفع الفراش] وإنما ذلك بيد الزوج ولا معنى لالتعان المرأة ألا في درء الحد عنها قال الله تعالى " ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهدات بالله إنه لمن الكذابين والخمسة " الآية [النور 8] ولما اتفقوا أن الزوج بالتعانه ينتفي عنه الولد إن نفاه كان كذلك برفع عصمة النكاح إلا ترى أن معنى التعان الزوج [والتعان المرأة] متضادان لأن الزوج يدعي ما يوجب الفرقة ويحلف عليه والمرأة تنفي المعنى الموجب لوقوع الفراق فكيف
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»