قالوا والتفرق بالكلام في لسان العرب معروف كما هو بالأبدان واحتجوا بقول الله عز وجل * (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) * [النساء 130] وبقوله تعالى * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا) * [آل عمران 105] وبقوله عز وجل * (فرقوا دينهم) * [الأنعام 159] وبقوله صلى الله عليه وسلم ((تفترق أمتي)) ونحو هذا مما لم يرد به [الافتراق] بالأبدان فيقال لهم أخبرونا عن الكلام الذي [وجب] به الإجماع في البيع وتمت به الصفقة أهو الكلام الذي أريد به الافتراق في الحديث المذكور أو غيره فإن قالوا هو غيره فقد أحالوا وجاؤوا بما لا يعقل لأنه ليس ثم كلام غيره وإن قالوا هو ذلك الكلام بعينه قيل لهم كيف يجوز [أن يكون الكلام] الذي به اجتمعا [عليه] وبه تم بيعهما [له] افترقا هذا ما لا يفهمه ذو عقل وإنصاف وأما قول من قال المتبايعان هما المتساومان فلا وجه له لأنه لا يكون حينئذ في الكلام فائدة لأنه معقول أن كل واحد في ماله وسلعته بالخيار قبل السوم وما دام [قبل الشراء] متساوما حتى يمضي البيع ويعقده ويرضاه وكذلك المشتري بالخيار قبل الشراء وفي حين المساومة أيضا هذا معلوم بالعقل والفطرة والشريعة وإذا كان هذا كذلك بطلت فائدة الخبر وقد جل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخبر بما لا فائدة فيه وأما حديث بن مسعود في اختلاف المتبايعين فقد قال مالك في ((الموطأ)) الأمر عندنا في الرجل يشتري السلعة من الرجل فيختلفان في الثمن فيقول البائع بعتكها بعشرة دنانير ويقول المبتاع ابتعتها منك بخمسة دنانير إنه يقال للبائع أن شئت فأعطها للمشتري بما قال وإن شئت فاحلف بالله ما بعت سلعتك إلا بما قلت فإن حلف قيل للمشتري إما أن تأخذ السلعة بما قال البائع وإما أن تحلف بالله ما اشتريتها إلا بما قلت فإن حلف بريء منها وذلك أن كل واحد منهما مدع على صاحبه وروى بن القاسم عن مالك أن السلعة إن كانت قائمة بيد البائع أو بيد المشتري فسواء ويتحالفان ويترادان وقال بن القاسم ان قبضها المبتاع وفاتت عنده بتمام أو نقصان [أو تغير سوق] أو بيع أو كتابه أو هبة أو هلال أو تقطيع في الثياب أو كانت دارا
(٤٧٩)