الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٤٧٥
صلى الله عليه وسلم ((المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم [يفترقا] وسنبين ضعف تأولهما في الحديث فيما بعد - إن شاء الله عز وجل وكان أبو حنيفة يرد هذا الحديث بالاعتبار كفعله في سائر أخبار الآحاد يعرضها على الأصول المجتمع عليها ولا يقبلها إذا خالفها ويقول [أرأيت] إن كانا في سفينة أو قيد متى يفترقان وهذا أكثر عيوبه وأعظم ذنوبه عند أهل الحديث واحتجاجهم بمذهبهم في رفع ظاهر الحديث طويل أكثره تشعيب لا معنى له لأن الأصول لا يرد بعضها ببعض وقد ذكرنا أكثرها في ((التمهيد)) وقال الثوري في ((جامعه)) والليث بن سعد وعبيد الله بن الحسن والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وداود إذا عقد المتبايعان بيعهما فكل واحد منهما بالخيار في إتمامه وفسخه ما داما في مجلسهما لم يفترقا بأبدانهما والتفرق في ذلك كالتفرق في الصرف سواء وهو قول بن أبي ذئب في طائفة من أهل المدينة وقول سوار قاضي البصرة وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك وروي ذلك عن عبد الله بن عمر وشريح القاضي وسعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء وطاوس والزهري وبن جريج ومعمر ومسلم بن خالد الزنجي والدراوردي ويحيى القطان وبن مهدي وقال الأوزاعي المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا إلا في بيوع ثلاثة [بيع السلطان في الغنائم وبيع الشركاء في الميراث وبيع [الشركة] في التجارة فإذا صافقه فقد وجب البيع وليسا فيه بالخيار قال وحد الفرقة ما كانا في مكانهما ذلك حتى يتوارى كل واحد منهما عن صاحبه قال وإذا خيره فاختار فقد وجب البيع وإن لم يفترقا قال أبو عمر كل من أوجب الخيار يقول إذا خيره في المجلس [فاختار] فقد وجب البيع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((أو يقول أحدهما لصاحبه اختر)) وفعل بن عمر تفسير ذلك وقد تقدم [ذكره] وهو راوي الحديث والعالم بمخرجه ومعناه وقال الليث بن سعد التفرق أن يقوم أحدهما وقال الشافعي كل متبايعين في بيع عين حاضرة أو سلم إلى أجل أو دين أو صرف أو غير ذلك تبايعا وتراضيا ولم يتفرقا عن مقامهما أو مجلسهما الذي
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»