بالخيار حتى يفترقا استتيب وجاء بقول فيه خشونة تركت ذكره وهو محفوظ عند العلماء وأما احتجاج الكوفيين وغيرهم بعموم قول الله عز وجل * (أوفوا بالعقود) * [المائدة 1] قالوا وهذان قد تعاقدا وفي هذا الحديث إبطال الوفاء بالعقد فهذا ليس بشيء لأن المأمور به من الوفاء به من العقود ما لم يبطله الكتاب أو السنة كما لو عقدا بيعهما على ربا أو سائر ما لا يحل لهما واحتجوا أيضا بقوله - عليه السلام - ((من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه)) قالوا فقد أطلق بيعه إذا استوفاه قبل الافتراق وبعده وهذا عند من خالفهم مرتب على خيار المتبايعين قبل الافتراق لأنه ممكن استعمالهما معا فكيف يدفع أحدهما بالآخر مع إمكان استعمالهما واحتجوا بكثير من الظواهر والعموم مع إجماعهم على أنه لا يعترض في العموم بالخصوص ولا بالظواهر على النصوص وقالوا قوله صلى الله عليه وسلم ((البيعان بالخيار ما لم يفترقا)) على الندب بدليل قوله صلى الله عليه وسلم ((من أقال نادما في بيع أو قال في بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة)) وبدليل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((البيعان بالخيار ما لم يفترقا إلا أن يكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله)) وقال [الشافعي] أما قوله صلى الله عليه وسلم ((من أقال نادما بيعته أقاله الله عثرته)) فهذا على الندب لا شك فيه ولفظه يدل على ذلك وأما قوله ((البيعان بالخيار ما لم يفترقا)) فليس في لفظه شيء يدل على الندب وإنما هو حكم وقضاء وشرع [من رسول الله صلى الله عليه وسلم] لا يحل [لأحد] خلافه برأيه [قالوا] وأما قوله في حديث عمرو بن شعيب لا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله فلفظ منكر لإجماع علماء المسلمين أنه جائز له أن يفارقه ليتم بيعه وله أن لا يقيله إلا أن يشاء وقوله ((لا يحل)) لفظة منكرة بإجماع [وبان] أن الإقالة ندب وحصر لا إيجاب وفرض ومما يزيد ذلك بيانا فعل بن عمر - رضي الله عنه فإنه كان إذا أراد أن يجب
(٤٧٧)