الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٣٥٩
أمولنا ما نشؤا) [هود 87] يعني أن هذه الآية يراد بها نهي شعيب - عليه السلام - قومه عن قطع الدنانير والدراهم قال مالك وهو من الفساد في الأرض وفيه العقوبة من السلطان لمن قدر عليه وهو قول الليث قال أبو عمر قد روي عن مجاهد في قوله تعالى " أو أن نفعل في أمولنا ما نشؤا " [هود 87] قال الزكاة وعن غيره وهو النعش الذي كانوا يفعلونه وروى عبد الرزاق قال أخبرنا يحيى بن ربيعة قال سمعت عطاء بن أبي رباح يقول وسئل عن قول الله عز وجل * (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض) * [النمل 48] قال كانوا يقرضون الدراهم قال وأخبرنا داود بن قيس عن خالد بن أبي ربيعة عن أبيه أن الزبير حين قدم مكة وجد رجلا يقرض الدراهم فقطع يده قال مالك ولا بأس أن يشتري الرجل الذهب بالفضة والفضة بالذهب جزافا إذا كان تبرا أو حليا قد صيغ فأما الدراهم المعدودة والدنانير المعدودة فلا ينبغي لأحد أن يشتري شيئا من ذلك جزافا حتى يعلم ويعد فإن اشترى ذلك جزافا فإنما يراد به الغرر حين يترك عده ويشتري جزافا وليس هذا من بيوع المسلمين فأما ما كان يوزن من التبر والحلي فلا بأس أن يباع ذلك جزافا وإنما ابتياع ذلك جزافا كهيئة الحنطة والتمر ونحوهما من الأطعمة التي تباع جزافا ومثلها يكال فليس بابتياع ذلك جزافا بأس قال أبو عمر أجاز أكثر العلماء بيع الذهب بالورق جزافا عينا كان ذلك أو تبرأ دراهم كانت أو دنانير والمصوغ وغيره في ذلك سواء لأن التفاضل بينهما حلال جائز وإذا جاز الدينار بأضعافه دراهم جاز الجزاف في ذلك يدا بيد كما يجوز القصد إلى المفاضلة بينهما يدا بيد وإلى هذا ذهب الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما وداود ولم يجعلوه قمارا ولا غررا وأما قول مالك إن التبر والحلي تباع جزافا كما تباع الحنطة والتمر فهذا عنده على أن يكون البائع لا يعلم وزن الحلي والتبر ولا وزن الحنطة والتمر فإن
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»