وأما التفاضل فلا يحرم إلا بإجماع الجنس والكيل والوزن فلا يجوز عندهم العصفر بالعصفر ولا القطن بالقطن ولا الحديد بالحديد إلا مثلا بمثل يدا بيد كالمأكول عند الجميع من الجنس الواحد فإن اختلف الجنسان جاز فيهما التفاضل دون النسيئة كالذهب والورق وروي عن عمار بن ياسر من طريق ليس بالقوي جدا أنه قال كل ما كيل أو وزن ألا يباع صنف منه بصنف آخر إلا مثلا بمثل وما لا يكال ولا يوزن فلا ربا فيه إلا في النسيئة وهو قول إبراهيم وأجاز أبو حنيفة وأصحابه بيع تمرة بتمرتين وبيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين [إذا كانت شيئا بعينه قد خرج على الكيل والوزن وهو قول الأوزاعي في البيضة بالبيضتين والجوزة بالجوزتين] وقال الشافعي [والثوري] لا يجوز تمرة بتمرتين ولا بتمرة أكبر منها لأن الأصل في التمر تحريم التفاضل واحتج من أجاز ذلك بأن مستهلك التمرة والتمرتين يلزمه فيها القيمة دون المثل لأنه لا مكيل ولا موزون لأن أصله الكيل ولا يدرك بالكيل ولا يصرف المكيل عندهم إلى الوزن وقال بن أبي ليلى لا يجوز رطل سمك برطلين وأما أحمد بن حنبل فقال لا أنظر في هذا الباب إلى الكيل والوزن إذا كان مما لا يؤكل ولا يشرب ولا ينظر إلى ما يؤكل ويشرب إذا كان مما لا يأخذه الكيل والوزن وإنما الربا فيما يكال أو يوزن مما يؤكل أو يشرب على قول سعيد بن المسيب وما عدا ذلك فلا بأس به يدا بيد ونسيئة وهذا كان قول الشافعي ببغداد ثم ضم بمصر إلى ما يكال أو يوزن ما لا يؤكل أو يشرب وإن كان مما لا يوزن ولا يكال لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطعام بالطعام إلى مثلا بمثل وهذا محمول على الجنس الواحد بدليل قوله صلى الله عليه وسلم ((الذهب بالورق والبر بالشعير كيف شئتم يدا بيد إلا ما اختلفت ألوانه)) وسنذكر الحديث في ذلك في باب بيع الطعام - إن شاء الله عز وجل
(٣٤٦)