وأصل ما ذهب إليه مالك في ذلك ما نقلته الكافة وروته الجماعة من نقل العدول من حديث عبادة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال] ((الذهب بالذهب والورق بالورق والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد ومن زاد أو ازداد فقد أربى وبيع الذهب بالورق كيف شئتم يدا بيد)) فلم يذكر من الطعام إلا ما يدخر وييبس وحرم في الجنس الواحد التفاضل والنسيئة [معا] وفي الجنس حرم النسيئة فقط وبالله التوفيق وأما الشافعي فالمأكول [كله] والمشروب كله كان مما يدخر أو لم يكن لا يجوز عنده شيء منه بشيء من جنسه وصنفه متفاضلا لا يجوز عنده رمانة برمانتين ولا تفاحة بتفاحتين ولا بطيخة ببطيختين يدا بيد ويدخله الربا في الجنس [الواحد في الوجهين] النسيئة والتفاضل على حسب ما هو عند مالك فيما يدخر من الطعام فإذا اختلف الجنسان جازا متفاضلين يدا بيد والطعام المدخر وغير المدخر والمقتات وغير المقتات من المأكولات عنده سواء لا يجوز منه شيء بأكثر من وزنه إن كان يوزن أو كيله إن كان يكال وفي الجنس الواحد وإذا اختلف الجنسان [جاز التفاضل دون النسيئة] والخلاف بينه وبين مالك في هذا الباب إنما هو فيما يدخر من الفاكهة وما أشبهها واختلف قول مالك وأصحابه في البيض على قولين أحدهما أنه لا يجوز فيه التفاضل يدا بيد والأخرى أنه يجوز [متفاضلا يدا بيد] والمشهور من مذهبه [أن البيض مما يدخر] لا يجوز منه واحدة باثنتين وأجاز بيع الصغير بالكبير منه وقال في بيض الدجاج والإوز وبيض النعام إذا تحرى أن يكون مثلا بمثل جاز وأما أبو حنيفة وأصحابه فالجنس عندهم بانفراده تحرم فيه النسيئة وكذلك الكيل والوزن كل واحد منهما بانفراده تحرم فيه النسيئة
(٣٤٥)