كان بن القاسم لا يجيز عن أحد أن يأخذ من غريمه في دين له عليه ثمرا قد بدا صلاحه ولا سكنى دار ولا جارية يتواضع ويراه من باب الدين [بالدين] وكان أشهب يجيز ذلك ويقول ليس هذا من فسخ الدين بالدين وإنما الدين بالدين ما لم يشرع في أخذ شيء منه وهذا هو القياس ألا يكون دينا بدين إلا ما اعترف الدين طرفيه وكان الأبهري يقول القياس ما قاله أشهب وهو قول الكوفي والشافعي إذا قبض في الدين ما يبرئه إليه غريمه مما يقبض له مثله فقد خرج من الدين في الدين وفي ((المدونة)) قال مالك كان الناس يبتاعون اللحم بسعر معلوم فيأخذ المبتاع كل يوم وزنا معلوما والثمن إلى العطاء ولم ير الناس بذلك بأسا قال واللحم وكل ما يتبايعه الناس في الأسواق فهو كذلك وإن كان الثمن إلى أجل ولم يره من الدين بالدين وروى أبو زيد عن بن القاسم أن ذلك لا يجوز إلا فيما يخشى عليه الفساد إذا أخذ جميعه مثل الفاكهة وأما القمح وما كان مثله فلا يجوز قال أبو عمر هذا لا يجوز عند الشافعي وجمهور العلماء لأن المتبايعين إذا تبايعا بدين وافترقا ولم يقبض المبتاع [جميع] ما ابتاعه فهو فيما لم يقبضه دين بدين وجملة قول مالك في هذا الباب أنه جائز عنده أن يسلم الرجل إلى الرجل في فاكهة في [أوانها] ولبن في أوانه أو لحم موصوف أو كباش موصوفه أو أرادب من قمح معلومة وما أشبه هذا كله على أن يشرع في قبض ما اشترى ويقبض في كل يوم شيئا معلوما ولا بأس عنده أن يتأخر النقد فيه إلى غير الأجل البعيد فإن لم يشرع في القبض [كل يوم] عندما سلف وكان في ذلك تأخير لم يجز أن يتأخر الثمن ((15 - باب بيع الفاكهة)) قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أن من ابتاع شيئا من الفاكهة من رطبها أو يابسها فإنه لا يبيعه حتى يستوفيه ولا يباع شيء منها بعضه ببعض إلا يدا بيد وما كان منها مما ييبس فيصير فاكهة يابسة تدخر وتؤكل فلا يباع بعضه ببعض إلا يدا بيد ومثلا بمثل إذا كان من صنف واحد فإن كان من صنفين مختلفين فلا
(٣٤٣)