الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٢٦٧
قال الشافعي كل ذات حمل من بني أدم ومن البهائم بيعت فحملها تبع لها كعضو منها وهو قول أبي حنيفة قال أبو عمر فأن وقع البيع عند مالك [ومن تابعه] ممن ذكرنا معه فالعمل فيه عندهم أنه يفسخ ما لم يفت والفوت عند مالك وأصحابه أن تلد ذلك الجنين أو غيره أو تموت أو تباع أو توهب أو تعتق أو يطول الزمان أو تختلف الأسواق فأن كان شيء من ذلك مضى البيع وكانت فيه القيمة يوم قبض الأمة دون استثناء بالغة ما بلغت فإن ولدت عند المشتري وقبض البائع الجنين رد إلى مبتاع الأم وغرم قيمتها على ما تقدم هذا إن عثر على الجنين بحدثان قبض البائع له وأما إن طال زمانه أو فات بوجه من وجوه الفوت التي ذكرنا كان للمبتاع على البائع قيمة الجنين يوم قبضه فكان على البائع [للمبتاع] قيمة الأم يوم باعها بلا استثناء على ما وصفنا وكلفا مع ذلك أن يجمعها بين الأم وابنها عند أحدهما بالمقاومة بينهما أو يبيعانهما معا من غيرهما وقال الأوزاعي والحسن بن حي جائز أن يبيع الرجل أمته الحامل ويستثنى ما في بطنها قال أبو عمر روي ذلك عن بن عمر ووجه ذلك أن الغرر إنما نهي عنه فيما يقع فيه التبايع والجنين على ملك بائعه قبل البيع فله أن يستثنيه ويخرجه من البيع ولا يضره جهله بصفته لأنه ملكه لم يقع فيه بيع وممن قال ذلك أيضا أحمد وإسحاق وأبو ثور وداود واحتج أحمد بابن عمر في ذلك قال مالك في الرجل يبتاع العبد أو الوليدة بمائة دينار إلى أجل ثم يندم البائع فيسأل المبتاع أن يقيله بعشرة دنانير يدفعها إليه نقدا أو إلى أجل ويمحو عنه المائة دينار التي له قال مالك لا بأس بذلك وإن ندم المبتاع فسأل البائع أن يقيله في الجارية أو العبد ويزيده عشرة دنانير نقدا أو إلى أجل أبعد من الأجل الذي اشترى إليه العبد أو الوليدة فإن ذلك لا ينبغي وإنما كره ذلك لأن البائع كأنه باع منه مائة دينار له
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»