وقال كعب بن مالك لامرأته حين أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتزالها الحقي بأهلك فلم يكن ذلك طلاقا فدل بما وصفنا من هذين الخبرين على أن هذه اللفظة مفتقرة إلى النية وإنما لا يقضى فيها إلا بما ينوي اللافظ بها فكذلك سائر الكنايات المحتملات للفراق وغيره والله أعلم ومن الكنايات بعد ما تقدم قول الرجل لامرأته اعتدي وأنت حرة أو اذهبي فأنكحي من شئت أو لست لي بامرأة أو قد وهبتك لأهلك أو خليت سبيلك أو الحقي بأهلك وما كان مثل هذا كله من الألفاظ المحتملة للطلاق وقد اختلف السلف والخلف فيها فواجب أن يسأل عنها قائلها ويلزم من ذلك ما نواه وأراده إن قصده وأما الألفاظ التي ليست من ألفاظ الطلاق ولا يكنى بها عن الفراق فأكثر العلماء لا يوقعون شيئا منها طلاقا وإن قصده القائل وقال مالك [كل] من أراد الطلاق بأي لفظة كان لزمه الطلاق حتى بقوله كلي واشربي وقومي واقعدي ونحو هذا ولم يتابع مالك على [ذلك إلا أصحابه] والأصل أن العصمة المتيقنة لا تزول إلا بيقين من نية وقصد وإجماع على مراد الله من ذلك وهذا عندي وجه الاحتياط للمفتي وبالله التوفيق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى)) والذي أقول به في الذي يهب امرأته لأهلها أنه قد كثر الاختلاف بين الصحابة ومن بعدهم فيها والصواب عندي فيها - والله أعلم - أنه أراد بذلك طلاقا فهو ما نوى من الطلاق قبلوها أو ردها وإن لم يرد طلاقا فليس بشيء قبلوها أو ردوها والله أعلم
(٢٤)