الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ١٤٥
الحيضة التي طلق فيها وفي الطهر بعدها و [في] الحيضة بعد الطهر وفي الطهر بعدها ما لم تنقض عدتها إلا أشهب بن عبد العزيز قال يجبر على الرجعة في الحيضة الأولى ما لم تطهر منها فإذا صارت في حال يجوز له طلاقها فيه لم يجبر على رجعتها ولم يختلف مالك وأصحابه أنه لا يطلقها في الطهر الأول لأنه يمسها فيه فإذا حاضت بعده ثم طهرت طلقها إن شاء وأجمع العلماء أنه إذا طلقها في طهر لم يمسها فيه لم يجبر على رجعتها ولم يؤمر بذلك وإن كان طلاقه قد وقع على غير سنة وإنما يجبر ويؤمر إذا طلقها حائضا وفي هذا الحديث دليل [على] أن الأقراء الأطهار لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق [قبل أن يمس] فتلك السنة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق لها النساء)) فأخبر أن الطلاق للعدة لا يكون إلا في طهر تعتد به وموضع يحتسب به من عدتها ويستقبلها من حينئذ وكان هذا منه صلى الله عليه وسلم بيانا لقوله عز وجل * (فطلقوهن لعدتهن) * [الطلاق 1] وقد قرئت لقبل عدتهن أي لاستقبال عدتهن ونهى عن الطلاق في الحيض لأنها لا تستقبل العدة في تلك الحيضة عند الجميع لأن من قال الأقراء الحيض لا يجزئ بتلك الحيضة من الثلاث حيض عنده حتى تستقبل حيضة بعد طهر وقد ذكرنا ما للعلماء في [معنى] نهيه صلى الله عليه وسلم بن عمر عن الطلاق في الحيض وأمره إياه بالمراجعة فأغنى ذلك عن تكراره وقد اختلف السلف والخلف من العلماء في معنى ((الأقراء)) التي عناه الله عز وجل بقوله " ثلاثة قروء " [البقرة 228] فقال منهم قائلون وهم أهل العراق الأطهار في [معنى] هذه الآية الحيض وقال آخرون وهم جمهور أهل المدينة [معناه] الأطهار والطهر ما بين الحيضة والحيضة ولم يختلف أهل اللغة والعلم بلسان العرب أن القرء يكون في اللسان العربي حيضة ويكون طهرا ولا اختلف [العلماء] في ذلك أيضا وإنما اختلفوا في المعنى المراد بقوله عز
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»