وذهب أبو حنيفة وأصحابه وأكثر العراقيين إلى ما رواه يونس بن جبير وسعيد بن جبير وأنس بن سيرين ومن تابعهم عن عمر في هذا الحديث فقالوا يراجعها فإن طهرت طلقها إن شاء وإلى هذا ذهب المزني - صاحب الشافعي - فقالوا إنما أمر المطلق في الحيض بالمراجعة لأن طلاقه ذلك أخطأ فيه السنة فأمر أن يراجعها ليخرجها من أسباب الطلاق الخطأ ثم يتركها حتى تطهر من تلك الحيضة ثم يطلقها إن شاء طلاقا صوابا ولم يرو للحيضة الأخرى بعد ذلك معنى وصاروا إلى رواية من روى ذلك عن بن عمر وأما القائلون بما رواه نافع ومن تابعهم في أنها تطهر ثم تحيض ثم تطهر منهم أصحاب الشافعي وغيرهم فقالوا الطهر الثاني والحيضة الثانية وجوه ومعان حسان منها أنه لما طلق في الموضع الذي نهي عنه لأن لا تطول عدة المرأة أمر بمراجعتها ليوقع الطلاق على سنته ولا يطول في العدة على امرأته فلو أتيح له أن يطلقها إذا طهرت من تلك الحيضة كانت في معنى المطلقة قبل الدخول وكانت تبني على عدتها الأولى فأراد الله - عز وجل - على لسان رسوله أن يقطع صلاة الحائض بالوطء فإذا وطئها في الطهر لم تتهيأ له أن يطلقها وفيه أنه قد نهي أن يطلقها في طهر حتى تحيض عنده ثم تطهر بعد ذلك استأنفت عدتها بعد ذلك ولم تبن وقيل في الطهر الثاني جعل للإصلاح الذي قال الله تعالى " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك أن أرادوا إصلحا " [البقرة 228] لأن حق المرتجع أن لا يرجع رجعة ضرار لقوله تعالى * (ولا تمسكوهن ضرارا) * [البقرة 231] قالوا فالطهر الأول فيه الإصلاح بالوطء فإذا وطئ لم يجز له أن يطلق في ذلك الطهر ولزمه أن يتزوجها حتى تحيض ثم تطهر إن أراد طلاقها وقيل إن مراجعته لها لم تعلم صحتها إلا بالوطء لأنه المنتفي من النكاح والمراجعة في الأغلب وكان ذلك الطهر موضعا للوطء الذي تستعين به المراجعة فإذا مسها لم يكن له سبل إلى طلاقها في طهر قد مسها فيه للنهي عن ذلك ولإجماعهم على أنه لو فعل كان مطلقا لغير العدة فقيل له دعها حتى تحيض أخرى ثم تطهر ثم تطلق وإن شئت قبل أن تمس
(١٤٠)