الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٣٧٠
فقد جمعوا القرابة والإسلام وتأول أصحاب مالك والشافعي في حديث علي أنه جعل ميراث المرتد لقرابته المسلمين لما رأى فيهم من الحاجة وكانوا ممن يستحقون ذلك في جماعة المسلمين من بيت مالهم ولا يمكن عموم جماعة المسلمين بميراثه ذلك فجعله لورثته على هذا الوجه لا على أنه ورثهم منه على طريق الميراث والله أعلم واختلفوا في توريث أهل الملل بعضهم من بعض فذهب مالك إلى أن الكفر ملل مختلفة فلا يرث عنده يهودي نصرانيا ولا يرثه النصراني وكذلك المجوسي لا يرث نصرانيا ولا يهوديا ولا يرثانه وهو قول بن شهاب وربيعة والحسن البصري وبه قال شريك القاضي وأحمد وإسحاق وحجتهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((لا يتوارث أهل ملتين)) (1) رواه جماعة من الثقات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال هشيم عن الزهري في حديثه عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما وأبو ثور وداود وهو قول الثوري وحماد الكفار كلهم يتوارثون والكافر يرث الكافر على أي كفر كان لأن الكفر كله عندهم ملة واحدة واحتجوا بقول الله عز وجل * (قل يا أيها الكافرون) * [الكافرون 1] ثم قال * (لكم دينكم ولي دين) * [الكافرون 6] فلم يقل أديانكم فدل على أن الكفر كله ملة والإسلام ملة ومن ذلك قوله عز وجل * (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) * [البقرة 120] ولم يقل مللهم فجعلهم على ملة واحدة قالوا ويوضح لك ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يتوارث أهل ملتين)) (2) وقوله ((لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم)) فجعلوا الكفر كله ملة واحدة)) والإسلام ملة
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»