الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ١٨
وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث كلها وأضعافها في هذا المعنى في ((التمهيد)) 930 _ وذكر مالك في هذا الباب عن زيد بن أسلم قال كتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر بن الخطاب أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة يجعل الله بعده فرجا وأنه لن يغلب عسر يسرين وأن الله تعالى يقول في كتابه * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) * [آل عمران 200] قال أبو عمر قد روي هذا الخبر متصلا عن عمر بأكمل من هذه الرواية حدثنا أحمد قال حدثنا أبي قال حدثنا عبد الله بن يونس قال حدثنا بقي قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال جاء أبو عبيدة الشام حضر هو وأصحابه فأصابهم جهد شديد فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر سلام عليك أما بعد فإنها لم تكن شدة إلا جعل الله بعدها مخرجا ولن يغلب عسر يسرين وكتب إليه * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) * [آل عمران 200] فكتب إليه أبو عبيدة سلام عليك أما بعد فإن الله عز وجل يقول * (أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد) * إلى قوله * (متاع الغرور) * [الحديد 20] فقرأه عمر على الناس وقال يا أهل المدينة إنما كتب أبو عبيدة يعرض لكم ويحض الناس على الجهاد قال زيد قال إني لقائم في السوق إذ أقبل قوم ينصون قد اطلعوا من التيه فيهم حذيفة بن اليمان يبشرون الناس قال فخرجت نشتد حتى دخلت على عمر فقلت يا أمير المؤمنين أبشر بنصر الله والفتح فقال عمر الله أكبر رب قائل لو كان خالد بن الوليد قال أبو عمر في هذا الخبر ما كانوا عليه من المشورة في أمورهم وقد أتى الله على من كان أمرهم شورى بينهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الحروب ليقتدى به وفيه أن الرئيس حق عليه الحذر على جيشه وأن لا يقدمهم على الهلكة ولذلك أوصى بعض السلف من الأمراء أمير جيشه فقال له كن كالتاجر الكيس الذي لا يطلب ربحا إلا بعد إحراز رأس ماله
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»