الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ١٥٣
إلا أمنتموه)) فنادى مناد لا قريش بعد اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من دخل داره فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن)) فعمد صناديد قريش فدخلوا الكعبة فغص بهم وطاف النبي صلى الله عليه وسلم وصلى خلف المقام ثم أخذ بجنبتي الباب فخرجوا فبايعوا النبي عليه السلام على الإسلام [قال أبو داود سمعت أحمد بن حنبل سأله رجل قال مكة عنوة هي قال إيش يضرك ما كانت قال فصلح قال لا] قال أبو عمر من حديث أبي هريرة شرع الطائفتان من قال إن مكة دخلت عنوة لأمره الزبير وأبا عبيدة وخالدا بقتل قريش بعد دخول مكة ومن شرع من قال لم يدخل عنوة لأن فيه النداء بالأمان في ذلك الوقت ولم تختلف الآثار ولا اختلف العلماء في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن أهل مكة كل من دخل داره أو المسجد أو دار أبي سفيان أو ألقى السلاح وقد اختلفت الآثار في وقت الأمان فمن قال إن ذلك كان بمر الظهران كان أصح وأولى ممن قال إن ذلك كان بعد دخوله مكة لأنه معلوم أن من شهد ما في حديث بن عباس من تأمين أهل مكة في حين إسلام أبي سفيان فقد شهد بزيادة على ما في حديث أبي هريرة لأن من تقدم أمانه لا ينكر أن يعاد عليه الذكر بذلك عند دخوله مكة ومعنى إرساله الزبير وأبا عبيدة وخالدا قد ظهر في الحديث الآخر لأنه أمر أمراءه أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم إلا من استثنى لهم فهذا تهذيب الأمان في ذلك والله أعلم وعلى هذا تتفق معانيها في أن مكة بلدة مؤمنة ولم يكن فيها شيء من أقوام له لعشرة ولم يكن فيها شيء من الصلح إلا أن يحصل أمرها كان لأنها صالحت لملك أهلها أنفسهم وذراريهم وأموالهم وهذا أشبه بحكم الصلح منه بحكم العنوة أخبرنا عبد الله قال حدثنا محمد قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الحسن بن الصباح قال حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال حدثنا إبراهيم بن عقيل بن معقل عن أبيه عن وهب بن منبه قال سألت جابرا هل غنموا يوم الفتح شيئا قال لا واختلف الفقهاء في الحربي المستأمن يسلم وله في دار الحرب مال وعقار
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»