الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ١٥٠
من صالح على بلاده وما بيده من ماله عقار وغيره فهو له فإن أسلم أحرز له إسلامه أرضه وماله وأما أهل العنوة فإنهم وجميع أموالهم للمسلمين فإن أسلموا لن تكون لهم أرضهم لأنها لمن قاتل عليها وغلب أهلها فملك رقابهم وأموالهم قال الله عز وجل * (وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم) * [الأحزاب 27] وسنذكر اختلاف العلماء في قسمة الأرض المغلوبة عن عنوة في قصة خيبر في كتاب المساقاة - إن شاء الله وما أعلم بلدا من البلاد التي افتتحها المسلمون بالإيجاف عليها والمقاتلة لها خرج عن هذه الجملة المذكورة إلا مكة - حرسها الله - فإن أهل العلم اختلفوا في قصة فتحها فقالت طائفة فتحت عنوة والفتحة الغلبة وممن قال ذلك الأوزاعي وأبو حنيفة وروي ذلك عن مالك وقال به أصحابه واحتج من ذهب إلى أنها فتحت عنوة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسله والمؤمنين وإنها لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة)) (1) الحديث وذكروا أحاديث لا يثبتها أهل الحديث مثل قوله ((أترون أوباش قريش إذا لقيتموهم فاحصدوهم حصدا)) (2) قالوا وهذا لو صح كان فيه ما يدل على أنها دخلت عنوة وقد أجمعوا على أنها لم يجز فيها من حكم العنوة ولم يقتل فيها إلا من استثناه عليه السلام وأمر بقتله ولم يسب فيها ذرية ولا عيالا ولا مالا وإن أهلها بقوا إذ أسلموا على ما كان بأيديهم من دار وعقار وليس هذا حكم العنوة بإجماع وقال أبو عبيد افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ومن على أهلها وردهم إليها ولم يقسمها ولم يجعل شيئا منها غنيمة ولا فيئا قال فرأي بعض الناس أن ذلك جائز له وللأئمة بعده قال أبو عبيد والذي أقول إن ذلك كان جائزا له في مكة وليس ذلك جائز
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»