الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ١٥١
لغيره في غيرها ومكة لا يشبهها شيء من البلاد لأن الله تعالى خص رسوله من الأنفال بما لم يخص به غيره فقال * (قل الأنفال لله والرسول) * قال أبو عمر قول أبي عبيد ضعيف وهذه الآية لم يختلفوا أن قوله عز وجل " واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه " [الأنفال 41] نزلت بعد قوله * (قل الأنفال لله والرسول) * [الأنفال 1] وقد ذكرنا هذا المعنى مجودا في هذا الكتاب والحمد لله وقال أبو يوسف عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكة وأهلها وقال ((من أغلق بابه فهو آمن ومن دخل داره فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل الكعبة فهو آمن)) (1) ونهى عن القتل إلا نفرا سماهم وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد ((اذهبوا فأنتم الطلقاء)) ولم يجعل شيئا منها فيئا ولم يسب من أهلها أحدا وقال الشافعي لم يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة [عنوة] وإنما دخلها صلحا وقال أصحابه أراد بقوله صلحا أي فعل فيها فعلة فيمن صالحه فملكه نفسه وماله وأرضه ودياره وذلك لأنه لم يدخلها إلا بعد أن أمن أهلها كلهم إلا الذين أمر بقتلهم قال أبو عمر ذكر بن إسحاق وجماعة من أهل السير معنى ما أجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ في سفره عام الفتح مر الظهران نزل بها وكان العباس قد أتاه بأهله وعياله بالجحفة مهاجرا إليه فأمر بالعيال إلى المدينة وبقي هو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران ركب العباس بغلته ونهض يرتقب ويستمع خبرا من مكة أو مارا إليها وذلك في الليل فسمع صوت أبي سفيان يخاطب رفيقه فقال أبو حنظلة فعرفه أبو سفيان فقال أبو الفضل ثم اجتمعا فأتى به النبي عليه السلام فأراد عمر قتله فاعترضه العباس وأمره النبي عليه السلام أن يحمله مع نفسه ويأتيه به غدوة فأتى به صبيحة تلك الليلة فأسلم وبايع النبي عليه السلام أن يلزمه بشيء فقال ((من دخل دار أبي سفيان فهو آمن)) (2) ولم ير إفراده في ذلك فأمر مناديا فنادى ((ومن دخل داره فهو آمن ومن أغلق على نفسه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»