الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٧١
قال أبو عمر ذكر بن وهب عن مالك في موطئه قال إنما العمرة التي يتطوع الناس بها فإن ذلك يجوز فيها الاشتراك في الهدي وأما كل هدي واجب في عمرة أو ما أشبهها فإنه لا يجوز الاشتراك فيه قال وإنما اشتركوا يوم الحديبية لأنهم كانوا معتمرين تطوعا وقال بن القاسم لا يشترك في الهدي الواجب ولا في التطوع عند مالك قال مالك إذا قلد الهدي وأشعره ثم مات وجب إخراجه على ورثته من رأس المال ولم يرثوه وهو قول الشافعي وأبي يوسف وقال أبو حنيفة ومحمد يكون ميراثا وقال مالك من قلد الهدي لا يجوز له بيعه ولا هبته ولا بدله وكذلك الأضحية إذا أوجبها ونعلها فإن لم يفعل كان له بدلها بأحسن منها وقال أبو حنيفة جائز له بيعها لهدي وعليه بدله وقال الثوري لا بأس أن يبدل الرجل هديه الواجب ولا يبدل التطوع وقال الأوزاعي له أن يبدل هدية إذا قلده وأشعره ما لم يتكلم بفرضه وسئل مالك عمن بعث معه بهدي ينحره في حج وهو مهل بعمرة هل ينحره إذا حل أم يؤخره حتى ينحره في الحج ويحل هو من عمرته فقال بل يؤخره حتى ينحره في الحج ويحل هو من عمرته قال أبو عمر إنما قال كذلك لقول الله (عز وجل) * (ثم محلها إلى البيت العتيق) * [الحج 33] وقال * (هديا بالغ الكعبة) * [المائدة 95] يعني أيام النحر وسائر أيام الذبح إلا بمنى ومكة إلا أن الاختيار أن يذبح الحاج بمنى والمعتمر بمكة ومن ذبح بمكة من الحاج لم يخرج ولا يذبح بمنى إلا أيام منى وسائر السنة بمكة ولما لم يكن هذا الهدي للمعتمر وإنما بعث به معه لم يرتبط نحره بشيء من عمرته قال مالك والذي يحكم عليه بالهدي في قتل الصيد أو يجب عليه هدي في غير ذلك فإن هديه لا يكون إلا بمكة كما قال الله تبارك وتعالى * (هديا بالغ الكعبة) * وأما ما عدل به الهدي من الصيام أو الصدقة فإن ذلك يكون بغير مكة حيث أحب صاحبه أن يفعله فعلة
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»