الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٨٨
والآثار في أن الجنة والنار قد خلقتا كثيرة جدا ومما يدل على أن المراد في هذا الحديث الجنة والنار ما حدثنا محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا الفريابي قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم الدمشقي قال حدثنا بن أبي فديك قال حدثنا بن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا أخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب أخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فذكر الحديث وفيه قال فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ويفرج له فرجة إلى النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له انظر إلى ما وقاك الله ثم يفرج له فرجة إلى الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له هذا مقعدك وذكر تمام الحديث وفيه بيان وتفسير حديث البراء وقد ذكرناه بإسناده في التمهيد وفيه قال فتعاد روحه إلى جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له من ربك فيقول ربي الله ويقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام ويقولان له من نبيك فيقول نبيي محمد عليه السلام فينادي مناد من السماء صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة قال فيأتيه من طيبها وروحها ويفتح له في قبره مد بصره (1) الحديث وفيه في الكافر أنه يفتح له باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه (2) وهذا الحديث يفسر أيضا حديث بن عمر المذكور في هذا الباب ويبين المراد منه والله أعلم والأحاديث بهذا المعنى كثيرة جدا وأما قوله إن أحدكم فإن الخطاب موجه إلى أصحابه وإلى المنافقين والله أعلم فيعرض على المؤمن مقعده من الجنة وعلى المنافق مقعده من النار وفي هذا الحديث الإقرار بالموت والبعث بعده والإقرار بالجنة والنار
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»