الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٣٨٧
وفي ذلك دليل على أن الحائض طاهر غير نجسة إلا موضع النجاسة منها وقد مضى هذا المعنى مجودا في باب الحيض وأما قولها وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي ذلك دليل على أن المعتكف لا يشتغل بغير ملازمة المسجد للصلوات وتلاوة القرآن وذكر الله أو السكوت ففيه سلامة ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة الإنسان كل ما لا غنى بالإنسان عنه من منافعه ومصالحه وما لا يقضيه عنه غيره ومعنى ترجيل شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمال كل ما كان فيه صلاح بدنه من الغذاء وغيره مما يحتاج إليه ومن جهة النظر فإن المعتكف ناذر جاعل على نفسه المقام في المسجد لطاعة الله فواجب عليه الوفاء بذلك وأن لا يشتغل بما يلهيه عن الذكر والصلاة ولا يخرج إلا لضرورة كالمرض البين والحيض في النساء وهذا في معنى خروجه صلى الله عليه وسلم لحاجة الإنسان لأنها ضرورة واختلف قول مالك في المعتكف يخرج لعذر غير ضرورة مثل أن يموت أبوه أو ابنه ولا يكون له من يقوم به أو شراء طعام يفطر عليه أو غسل النجاسة من ثوبه فروي عنه أنه من فعل ذلك كله يبتدئ اعتكافه وروي عنه أنه يبني وهو الأصح عندي قياسا على حاجة الإنسان 651 - وأما حديثه عن بن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض إلا وهي تمشي لا تقف فقد ذكرنا في التمهيد علل إسناده لأن عبد الرحمن بن مهدي والقطان روياه عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة ورواه أكثر أصحاب مالك كما رواه يحيى عن مالك عن عمرة عن عائشة لم يذكروا عروة ورواه الشافعي وطائفة من أصحاب مالك عن مالك عن عروة عن عائشة وبين أصحاب بن شهاب فيه وفي المسند الذي قبله ضروب من الاضطراب قد ذكرنا أكثر ذلك في باب بن شهاب من التمهيد وفي حديثها هذا دليل على أن المريض لا يجوز عندها أن يعوده المعتكف ولا يخرج لعيادته له عن اعتكافه
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»