الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٣٨٦
مسجدا لا يجمع فيه الجمعة ولا يجب على صاحبة إتيان الجمعة في مسجد سواه فإني لا أرى بأسا بالاعتكاف فيه لأن الله تبارك وتعالى قال * (وأنتم عاكفون في المساجد) * [البقرة 187] فعم الله المساجد كلها ولم يخص شيئا منها وقال الشافعي لا يعتكف في غير المسجد الجامع إلا من الجمعة إلى المسجد قال والاعتكاف في المسجد الجامع أحب إلي قال ويعتكف المسافر والعبد والمرأة حيث شاؤوا ولا اعتكاف إلا في مسجد وذكر بن عبد الحكم عن مالك قال لا يعتكف أحد إلا في رحاب المسجد التي يجوز فيها الصلاة واختلفوا في مكان اعتكاف النساء ف قال الشافعي ما قدمنا عنه وقال مالك تعتكف المرأة في مسجد الجماعة ولا يعجبه اعتكافها في مسجد بيتها وقال الكوفيون لا تعتكف المرأة إلا في مسجد بيتها ولا تعتكف في مسجد الجماعة وسنزيد هذا بيانا في باب قضاء الاعتكاف إن شاء الله وهناك ذكر مالك هذه المسألة قال أبو عمر في ترجيل عائشة شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معتكف دليل على أن اليدين من المرأة ليستا بعورة ولو كانتا عورة لم تباشره بهما في اعتكافه لأن المعتكف منهي عن المباشرة قال الله عز وجل * (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) * [البقرة 187] ويدلك على ذلك أيضا أنها تنهى في الإحرام عن لباس القفازين وتؤمر بستر ما عدا وجهها وكفيها وهكذا حكمها في الصلاة تكشف وجهها وكفيها وقد مضى ذكر ما هو عورة في كتاب الصلاة وقد روى تميم بن سلمة وهشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه وهو مجاور وأنا في حجرتي فأرجله وأنا حائض
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»