الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٢٦٥
فأما قوله في حديث بن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعناه عند أكثر أهل العلم أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أوجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأمر الله أوجبه وما كان لينطق عن الهوى فأجمعوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر ثم اختلفوا في نسخها فقالت فرقة هي منسوخة بالزكاة ورووا عن قيس بن سعد بن عبادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بها قبل نزول الزكاة فلما نزلت آية الزكاة لم يأمرنا بها ولم ينهنا ونحن نفعله وقال جمهور من أهل العلم من التابعين ومن بعدهم هي فرض واجب على حسب ما فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينسخها شيء وممن قال بهذا مالك بن أنس وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه قال إسحاق هو لا الإجماع وقال أشهب سألت مالكا عن زكاة الفطر أواجبة هي قال نعم وفي سماع زياد بن عبد الرحمن قال سئل مالك عن تفسير قول الله تعالى " وآتوا الزكاة " [البقرة 43] هي الزكاة التي قرنت بالصلاة فسمعته يقول هي زكاة الأموال كلها من الذهب والورق والثمار والحبوب والمواشي وزكاة الفطر وتلا * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم) * [التوبة 103] وذكر أبو التمام قال قال مالك زكاة الفطر واجبة قال وبه قال أهل العلم كلهم إلا بعض أهل العراق فإنه قال هي سنة مؤكدة قال أبو عمر اختلف المتأخرون من أصحاب مالك في وجوبها فقال بعضهم هي سنة مؤكدة وقال بعضهم هي فرض واجب وممن ذهب إلى هذا أصبغ بن الفرج وأما أبو محمد بن أبي زيد فإنه قال هي سنة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يضع شيئا واختلف أصحاب داود في ذلك على قولين أيضا أحدهما أنها فرض واجب والآخر أنها سنة (مؤكدة) وسائر العلماء على أنها واجبة
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»