الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٣٦٨
الرجل ينشد الضالة في المسجد فقولوا لا ردها الله عليك (1) وقد ذكر الله تعالى المساجد بأنها بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه وأن يسبح له فيها بالغدو والآصال فلهذا بنيت فينبغي أن تنزه عن كل ما لم تبن له 394 مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى البطيحاء وقال من كان يريد أن يلغط (2) أو ينشد شعرا أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة هذا الخبر عند القعنبي ومطرف وأبي مصعب عن مالك عن أبي النضر عن سالم بن عبد الله عن بن عمر أن عمر بن الخطاب بنى رحبة في المسجد الحديث ورواه طائفة كما رواه يحيى فقد عارض هذا الخبر بعض الناس بحديث أبي هريرة أن حسان بن ثابت لما أنكر عليه عمر إنشاده الشعر في المسجد قال قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك فسكت عمر وهذا محمله عندي أن يكون الشعر الذي ينشد في المسجد ما ليس فيه منكر من القول ولا زور وحسبك ما ينشد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما ما كان فيه من الفخر بالآباء الكفار والتشبيب بالنساء وذكرهن على رؤوس الملأ وشعر يكون فيه شيء من الخنا فهذا كله لا يجوز في المسجد ولا في غيره والمسجد أولى بالتنزيه من غيره والشعر كلامه موزون فحسنه حسن وقبيحه قبيح وقبيحه لا يزيده الوزن معنى وقد قال صلى الله عليه وسلم إن من الشعر لحكمة (3) وروى الليث بن سعد قال حدثني بن العجلان عن عمرو بن شعيب عن
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»