يشهد بالشهادة ولا يصلي لا تمنع الشهادة من أراقة دمه إذا لم يصل وأبي من إقامة الصلاة إذا دعي إليها وقد تقدمت أحكام تارك الصلاة وتنازع العلماء فيها في هذا الكتاب وفيه دليل على من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وصلى لم يجز قتله إلا أن يرتد عن دينه أو يكون محصنا فيزني أو يسعى في الأرض بالفساد ويقطع السبيل ويحارب الناس على أموالهم ونحو هذا وإذا لم يجز قتل من يصلي جاز قتل من لا يصلي وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك الذين نهاني الله عنهم رد لقول القائل له بلى ولا صلاة بلى ولا شهادة له لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثبت له الشهادة والصلاة ثم أخبر أن الله عز وجل نهاه عن قتل من هذه صفته وأنه لا يكلف أكثر من أن يقر طاهرا ويصلي طاهرا وحسابه على الله فإن كان ذلك صادقا من قلبه يبتغي به وجه الله دخل الجنة ومن خادع بها فهو منافق في الدرك الأسفل من النار ولا يجوز قتله مع إظهاره الشهادة ويأتي القول في أحكام الزنديق بما للعلماء في ذلك بعد إن شاء الله والرجل الذي سار رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هو عتبان بن مالك والرجل الذي جرى فيه هذا القول هو مالك بن الدخشم وقد أوضحنا ذلك أيضا بالآثار المتواترة في التمهيد وفي بعضها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبعض من قال فيه أنه منافق لا يحب الله ورسوله وما نرى مودته ونصحته إلا للمنافقين لا تقل ذلك فقد قال لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله واختلف الفقهاء في استتابة الزنديق المشهود عليه بالكفر والتعطيل وهو مقر بالإيمان مظهر له جاحد لما شهد به عليه فقال مالك وأصحابه يقتل الزنادقة ولا يستتابون وسئل مالك عن الزندقة فقال ما كان عليه المنافقون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إظهار الإيمان وكتمان الكفر هو الزندقة عندنا اليوم قيل لمالك فلم يقتل الزنديق ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقتل المنافقين وقد عرفهم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قتلهم لعلمه فيهم وهم يظهرون الإيمان لكان ذلك ذريعة إلى أن يقول الناس قتلهم للضغائن والعداوة أو لما شاء الله غير ذلك فيمتنع الناس من الدخول في الإسلام
(٣٥٧)