وروي عن بن مسعود جماعة من الصحابة أن تأويل هذه الآية إذا اختلفت القلوب في آخر الزمان ألبس الناس شيعا وأذيق بعضهم بأس بعض وكان الهوى متبعا والشح مطاعا وأعجب ذو الرأي برأيه وذكر الدارقطني قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن حماد العسكري وقال حدثنا عيسى بن ذكويه قال حدثنا الخليل بن يزيد بمكة قال حدثنا الزبير بن عيسى أبو الحميدي عن هاشم بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قيل يا رسول الله متى لا نأمر بالمعروف ولا ننهي عن المنكر قال إذا كان البخل في كباركم والعلم في رذالكم والإدهان في خياركم والملك في صغاركم وقد ذكرت هذا الحديث من طرق في كتاب جامع بيان العلم والحمد لله وروي عن سعيد بن جبير ومجاهد وطائفة أنهم قالوا في قول الله تعالى " يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " [المائدة 105] قالوا أقبلوا على أنفسكم لا يضركم من ضل من غير أهل دينكم إذا أدوا الجزية قال أبو عمر فلهذا قلنا إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان فرضا على قدر الطاقة فليس يجري مجرى الخمسة المذكورة في حديث بن عمر لأنها ما لا خلاف في وجوب جملتها وقال من ذهب من أصحابنا وغيرهم إلى أن الحج على الفور لم يكن الحج مفترضا في حين سؤال هذا الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام وشرائعه وهذا لا معنى له لأن الأعرابي هو ضمام بن ثعلبة من بني سعد بن بكر وفي خبره من رواية بن عباس وأبي هريرة وأنس ذكر الحج وكان قدومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما زعم أهل السير سنة خمس من الهجرة وليس من قصر عن حفظ الحج في ذلك الخبر بحجة على من حفظه وقد اختلف في هذه المسألة أصحاب مالك وأصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة على قولين أحدهما على الفور والآخر على التراخي وسنبين أقوالهم ووجوهها في كتاب الحج إن شاء الله وفي قوله عليه السلام لا إلا أن تطوع ندب إلى التطوع كأنه قال ما عليك فرض إلا الخمس ولكن إن تطوعت فهو خير لك وكذلك الصيام والحج والعمرة والجهاد وفي فضائل ذلك كله ما يضيق الكتاب عن مثله
(٣٧٣)