الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢٨٩
والثوري وشريك وزهير بن معاوية عن منصور عن ربعي بن خراش عن أبي مسعود الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من ما أدرك الناس ولفظ الثوري آخر ما تعلق به الناس من كلام النبوة ولفظ شريك آخر ما كان من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت وفي حديث بعضهم فافعل ما شئت وهذا حديث ثابت لا يختلف في صحته ومن رواه عن ربعي عن حذيفة فقد أخطأ فيه وأما معناه فإنه لفظ يقتضي التحذير والذم على قلة الحياء وهو أمر في معنى الخبر فإن من لم يكن له حياء يحجزه عن محارم الله تعالى فسواء عليه فعل الكبائر منها والصغائر ومن هذا المعنى حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من باع الخمر فليشقص (1) الخنازير (2) فليس هذا على إباحة شقص الخنازير لمن باع الخمر ولكنه تقريع وتوبيخ يقول من استحل بيع الخمر وقد نهاه الله عن بيعها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس يمتنع عن شقص الخنازير ومن هذا الباب أيضا قول عمر بن الخطاب من استطاع إلى الحج سبيلا ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا ومعنى قوله ولم يحج أي لم ير الحج واجبا ومن ذلك قول أبي هريرة من وجد سعة ولم يضح فلا يشهد مصلانا يقول من ترك السنة في الصحبة مع السعة رغبة عنها فما له لا يرغب عن الصلاة معنا ونحو هذا ومن ذلك قول الشاعر (إذا لم تخش عاقبة الليالي * ولم تستح فاصنع ما تشاء (3)) (فلا والله ما في العيش خير * ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»