الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢٢٢
حاجة بنا إلى أول فرضها لما فيه من الاختلاف فمن ذهب إلى الإلزام احتج بحديث عائشة وهو حديث قد خولفت فيه فكانت هي أيضا (رحمها الله) لا تأخذ به وإنما كانت تتم في سفرها والمصير إلى ظاهر قول الله تعالى * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) * [النساء 101] أولا لأن رفع الجناح يدل على الإباحة لا على الإلزام مع ما قدمنا من الآثار المنبئة بأن قصر الصلاة سنة ورخصة وصدقة تصدق الله بها على عباده حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع قال حدثنا محمد بن أبي خالد عن أبي حنظلة قال سألت بن عمر عن الصلاة في السفر فقال ركعتان سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأما اختلاف الفقهاء وأئمة الأمصار في [إيجاب القصر] في هذه المسألة فذهب الكوفيون سفيان الثوري والحسن بن حي وأبو حنيفة وأصحابه إلى أن القصر واجب في السفر فرضا وهو قول عمر بن عبد العزيز وحماد بن أبي سليمان وطائفة وإليه ذهب إسماعيل بن إسحاق وأبو بكر بن الجهمي وذكر بن الجهمي أن أشهب روى ذلك عن مالك وحجة من ذهب هذا المذهب حديث عائشة فرضت الصلاة ركعتين في السفر والحضر فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى وحديث بن عباس فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر [أربعا] وفي السفر ركعتين (1) وحديث عمر بن الخطاب قال صلاة الجمعة ركعتان وصلاة العيدين ركعتان وصلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم (2) وذكرنا حديث عمر هذا في التمهيد وذكرنا العلة فيه
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»