الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢٢١
حدثنا موسى بن داود قالا حدثنا أبو عوانة عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن بن عباس قال فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة (1) وقد روي عن بن عباس مثله وقد ذكرناه في التمهيد وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي قلابة عن رجل من بني عامر أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة (2) وعن أنس بن مالك القشيري (رجل من بني عبد الله بن كعب) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وهذا يدل على خلاف ما قالت عائشة إلا أن حديث عائشة من جهة الإسناد أثبت وروى وكيع وروح بن عبادة عن أسامة بن زيد الليثي قال حدثني الحسن بن مسلم بن يناق عن طاووس عن بن عباس قال قد فرض الله على رسوله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين فكما يصلي في الحضر قبلها وبعدها فكذلك يصلي في السفر (3) وقد طعن قوم في حديث عائشة لقول الله (عز وجل) * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) * [النساء 101] فقالوا لو كانت ركعتين لم يقصر لأن الإجماع منعقد أن لا يصلي المسافر الآمن في سفره أقل من ركعتين في شيء من الصلوات فأي قصر كان يكون لو كانت الصلاة ركعتين وهذه غفلة شديدة لأن الصلاة إن كانت فرضت بمكة ركعتين كما قالت عائشة فقد زيد فيها على قولها بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبعد ذلك أنزلت سورة النساء بإباحة القصر للضاربين في الأرض وهم المسافرون وهذا لا يخفى على من له أقل فهم على أنا نقول إن فرض الصلاة استقر من زمان النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين لمن شاء عند قوم وعند آخرين على الإلزام فلا
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»