الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢٢٥
وقال الشافعي يقصر المسافر الصلاة إذا كان خائفا بالقرآن والسنة وإن لم يكن خوف في السفر قصر بالسنة قال ولا أحب لأحد أن يتم متأولا فإن أتم متأولا وأخذ بالرخصة فلا حرج قال وليس للمسافر أن يصلي ركعتين حتى ينوي القصر مع الإحرام فإن أحرم ولم ينو القصر فهو على أصل فرضه أربعا قال أبو عمر أصحاب الشافعي اليوم على أن المسافر مخير في القصر والإتمام كما هو مخير في الفطر والصيام وكذلك جماعة المالكيين من البغداديين وقال الأوزاعي إذا قام المسافر إلي ثلاثة وصلاها ثم ذكر فإنه يلغيها ويسجد سجدتي السهو وقال الحسن البصري فيمن صلى في السفر أربعا بئس ما صنع وقد قضت عنه صلاته ثم قال للسائل لا أم لك ترى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم تركوها لأنها ثقلت عليهم قال أبو عمر حديث عائشة الذي عليه بنى مذهبه من جعل القصر فرضا يخرجه عن ظاهره تمامها في السفر لأنه لا يظن عاقل بها تعمد إفساد صلاتها بالزيادة فيها ما ليس منها عامدة يدل ذلك على أنها علمت أن القصر ليس بواجب وأنه سنة وإذا كانت رخصة وتوسعة فالناس مخيرون في قبولها إلا أن الأفضل عندي القصر لأنه فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره كلها سنة لأمته وفيه الأسوة الحسنة ولا وجه لقول من قال إن عائشة إنما أتمت في سفرها بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأنها تأولت أنها أم المؤمنين فحيث ما كانت فهي عند بنيها كأنها في أهلها وهذا قول ضعيف لا معنى له ولا دليل عليه لأنها إنما صارت أم المؤمنين بأن كانت زوجا لأبي المؤمنين محمد صلى الله عليه وسلم وبه صار أزواجه أمهات المؤمنين وقد روى في قراءات أبي بن كعب " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهتهم " [الأحزاب 6] وروي عن بن عباس أنه كان يقرؤها كذلك ولو كان ما ذكروا من تأويل عائشة لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك منها وصلاته في أسفاره ركعتين لأنه سن لأمته أنه لا يصلي أحد في موضع إقامته ركعتين في صلاة أربع خلاف ما شرع لأمته وبين في ذلك مراد ربه
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»