الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢١١
عباس قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا سفر وقد روى صالح مولى التوأمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث فقال فيه من غير خوف ولا مطر كما قال حبيب بن أبي ثابت وهذا ليس بالقوي لأنه تغير بآخره وأما تأويل مالك فيه وقوله أرى ذلك كان في مطر فقد تابعه على ذلك جماعة بالمدينة وغيرها منهم الشافعي وأجمع العلماء على أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر المطر إلا طائفة شذت سنورد ما إليه ذهبت في هذا الباب إن شاء الله واختلفوا في ذلك لعذر المطر فقال مالك وأصحابه أما المغرب والعشاء فجائز أن يجمع بينهما في حال المطر قال ويجمع بينهما إذا كان طين وظلمة وإن لم يكن مطر فهذا هو المشهور من مذهب مالك في مساجد الجماعات في كل البلدان ولا يجمع بين الظهر والعصر عند مالك ولا عند أحد من أصحابه في المطر وروى زياد بن عبد الرحمن عن مالك أنه قال لا يجمع بين الصلاتين ليلة المطر في شيء من الأمصار وغير المصار إلا بالمدينة خاصة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لفضله وأنه ليس هناك غيره وهو يقصد من بعد قال أبو عمر وروي عن عبد الله بن عمر وأبان بن عثمان وعروة بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن والقاسم بن محمد وعمر بن عبد العزيز أنهم كانوا يجمعون بين الصلاتين ليلة المطر وقد ذكرنا الأسانيد عنهم بذلك في التمهيد وهو أمر مشهور بالمدينة معمول به فيها وبه قال أحمد وإسحاق والجمع عند مالك بين المغرب والعشاء ليلة المطر أن يؤخر المغرب ثم يؤذن لها وتقام فتصلى ثم يؤذن في داخل المسجد للعشاء ويقيمونها وتصلى ثم ينصرفون مع مغيب الشفق
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»