الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٥٢٣
قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إذا قام الإمام في الركعتين فإن ذكر قبل أن يستوي قائما فليجلس فإن استوى قائما فلا يجلس وسجد سجدتي السهو)) (1) ذكره أبو داود وقال ليس في كتابي عن جابر الجعفي إلا هذا الحديث قال أبو عمر في حديث بن بحينة هذا وحديث المغيرة بن شعبة عن النبي - عليه السلام - دليل على صحة ما ذهب إليه أصحابنا ومن قال بقولهم في أن الجلسة الوسطى سنة لا فريضة لأنها لو كانت من فرائض الصلاة لرجع الساهي عنها إليها حتى يأتي بها كما لو ترك سجدة أو ركعة ولروعي فيها ما يراعى في السجود والركوع من الموالاة والرتبة وقد سبح برسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرجع إليها وسجد لسهوه وفي حديث بن بحينة أنه علم بها فلم يقضها وسجد لسهوه عنها ولو كانت فرضا لم يسقطها النسيان والسهو لأن الفرائض في الصلاة يستوي في تركها السهو والعمد إلا في المأثم وقد ذهب آخرون إلى الجلسة الوسطى فرض وأنها مخصوصة من بين سائر فروض الصلاة بأن ينوب عنها السجود كالعرايا من المزابنة وكسقوط بعد الإحرام لمن وجد الإمام راكعا وبأنها لا يقاس عليها شيء من أعمال البدن في الصلاة فدل على خصوصها واحتجوا بأنها لو كانت سنة ما كان العامد لتركها تبطل صلاته كما لا تبطل بترك سنن الصلاة إذا أتى بفرائضها وبما أجمعوا عليه في سائر أعمال البدن أنها فرض في الصلاة من أولها إلى آخرها من قيام وقعود وركوع وسجود والقول الأول أصح من جهة الأثر والنظر إن شاء الله وقد أوضحنا معنى القولين وما اخترنا من ذلك مع سائر معاني هذا الباب في التمهيد والحمد لله وشذت فرقة فأوجبتها فرضا وأوجبت الرجوع إليها ما لم يعمل المصلي بعدها
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»