الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٥٢١
قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر ثم سجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم وذكر عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن بن بحينة مثله بمعناه وقد ذكرنا بن بحينة في كتاب الصحابة بما فيه كفاية وفي هذا الحديث بيان أن أحدا لا يسلم من الوهم والنسيان لأنه إذا اعترى ذلك الأنبياء فغيرهم بذلك أحرى وقد يكون ذلك منه - عليه السلام - ليسن لأمته كما جاء عنه ((إني لأنسى أو أنسي لأسن)) (1) وفي هذا الحديث من الفقه أن المصلي إذا لم يجلس في اثنتين وقام واعتدل قائما لم يكن له أن يرجع وإنما قلنا واعتدل قائما لأن الناهض لا يسمى قائما حتى يعتدل فالقائم هو المعتدل وفي حديث مالك في هذا الباب ثم قام ولم يجلس وإنما قلنا إنه لا ينبغي له إذا اعتدل قائما ان يرجع إلى الجلوس لأنه معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتدل قائما لا يخلو أمره من أن يذكر بنفسه أو يذكره من خلفه بالتسبيح ولا سيما قوما قد قيل لهم ((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) (2) وهم أولو النهي وأولى من عمل بما حفظ ووعى وأي الحالين كان فلم ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجلوس بعد قيامه ذلك فمن ها هنا قلنا لا ينبغي لمن اعتدل قائما أن ينصرف إلى الجلوس وقد روى المغيرة بن شعبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام من اثنتين واعتدل فسبحوا به فلم ينصرف وتمادى في صلاته ثم سجد لسهوه وفعل ذلك المغيرة وسبحوا به فلم يرجع وقال لهم كذلك صنع رسول الله وعن سعد بن أبي وقاص مثل حديث المغيرة سواء وقد ذكرناها بأسانيدها في التمهيد
(٥٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 ... » »»