وسفيان عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد قال تقدم أبو الدرداء أن يصلي بالناس بحمص فرأى في القبلة عرقة (1) فقال غطوا عنا هذه العرقة وقال نعيم بن حماد عن سفيان بن عيينة إنما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخميصة إلى أبي جهم لأنه كرهها إذ كانت سبب غفلة وشغل عن ذكر الله كما قال ((أخرجوا عن هذا الوادي الذي أصابتكم فيه الغفلة فإنه واد به شيطان (2) قال ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى غيره ما يكرهه لنفسه ألا ترى إلى قوله لعائشة ((لا تتصدقي مما لا تأكلين)) قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوى خلق الله على دفع الوسوسة ولكن كرهها للغفلة عن الذكر هذا كله قول بن عيينة ومما قدمته فيما ظهر إلي أولى بتأويل الحديث إن شاء الله ولأنه معلوم أنه - عليه السلام - لما رد الخميصة إلى مهديها بعد أن أعلمهم وأعلمه بما نابه فيها - كان ذلك دليلا على أنه يستحب لباسها في الصلاة لأنه لا محالة أحرى بأن يخشى على نفسه من الشغل بها في صلاته فوق ما خشيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ولهذا - والله أعلم - كان إخبارهم له بما عرض له في صلاته بالنظر إليها وقد يمكن أن يكون إعلامه بما نابه في الخميصة عند ردها إلى أبي جهم لتطيب نفسه وقد ذهب عنه ما لا يكاد ينفك منه من ردت هديته عليه وفيه دليل على أن الواهب والمهدي إذا ردت عليه عطيته من غير أن يكون هو الذي يرجع فيها فإن له أن يقبلها وأما قوله ((وأتوني بأنبجانية له)) أو بأنبجانية)) على الرواية في ذلك - ففيه دليل على [أن] من ردت عليه هديته يشق ذلك عليه فلذلك أنسه رسول الله بأن أخذ منه كساء آخر لا علم فيه ليعلم أنه لم يرد عليه هديته استخفافا به ولا قلى له ولا كراهية لكسبه والله أعلم وفيه أن كل ما يشغل المرء في صلاته إذا لم يمنعه من إقامة فرائضها وأركانها لا يفسدها ولا يوجب عليه إعادتها وقد ذكرنا في التمهيد حديث أنس قال كان لعائشة قرام قد سترت به جانب بيتها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أميطي (3) عنا قرامك (4) فإنه لا تزال
(٥٣٢)