الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٤٦٥
وروي ذلك عن أبي بن كعب وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر والحجة لهذا القول - وهو المختار عندنا - قول الله تعالى * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * [الأعراف 304] وهذا عند أهل العلم عند سماع القرآن في الصلاة لا يختلفون أن هذا الخطاب نزل في هذا المعنى دون غيره ومعلوم أن هذا لا يكون إلا في صلاة الجهر لأن السر لا يستمع إليه وقد ذكرنا في ((التمهيد)) خبر أبي عياض عن أبي هريرة قال كانوا يتكلمون في الصلاة حتى نزلت هذه الآية * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * قال إبراهيم بن مسلم فقلت لأبي عياض لقد كنت أظن أنه لا ينبغي لأحد يسمع القرآن ألا يسمع قال لا إنما ذلك في الصلاة المكتوبة فأما في غير الصلاة فإن شئت استمعت وأنصت وإن شئت مضيت ولم تسمع وروى بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة قال سمعت مجاهدا يقول ما رأيت أحدا بعد بن عباس أفقه من أبي عياض وروى حماد بن سلمة عن قتادة عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * قال في الصلاة وعن أبي العالية والشعبي وبن شهاب والنخعي ومجاهد والحسن البصري وعطاء وزيد بن أسلم مثله إلا أن مجاهدا زاد فقال في الصلاة والخطبة يوم الجمعة وهو قول قتادة والضحاك بن مزاحم وقد زدنا هذا المعنى بيانا بالأسانيد والأقوال في كتاب التمهيد وذكرنا فيه قول بن مسعود إذا كنت خلف الإمام فأنصت للقرآن وقوله أتقرءون خلف الإمام قالوا نعم قال لا تفقهون ما لكم لا تعقلون * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * وفي قوله أنصت للقرآن ونزوعه بقول الله * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * دليل على أنه أراد الجهر خاصة والله أعلم وإن كان الكوفيون يرون عنه ترك القراءة خلف الإمام في السر والجهر وفي إجماع أهل العلم على أن قوله تعالى * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * لم يرد كل موضع يسمع فيه القرآن وإنما أراد الصلاة أوضح الدلائل على أنه لا يقرأ مع الإمام فيما جهر فيه
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»