الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣١٧
واختلف الفقهاء في التيمم هل تصلى به صلوات كالوضوء بالماء أم هو لازم لكل صلاة فقال مالك لا يصلي صلاتين بتيمم واحد ولا يصلي نافلة ومكتوبة بتيمم واحد إلا أن تكون نافلة بعد المكتوبة قال فإن صلى ركعتي الفجر بتيمم الفجر - أعاد التيمم لصلاة الفجر وقال الشافعي يتيمم لكل صلاة فرض ويصلي الفرض والنافلة وصلاة الجنائز بتيمم واحد ولا يجمع بين صلاتي فرض بتيمم واحد في سفر ولا حضر وهو قول بن عباس وقال شريك يتيمم لكل صلاة نافلة وفريضة ومن حجة من رأى التيمم لكل صلاة فرضا واجبا - أن الله أوجب على كل قائم إلى الصلاة طلب الماء وأوجب عند عدمه التيمم وعلى المتيمم عند دخول وقت صلاة أخرى مثل ما عليه في الأولى وليست الطهارة بالصعيد كالطهارة بالماء لأنها طهارة ضرورة لاستباحة الصلاة قبل خروج الوقت وليست بطهارة كاملة بدليل بطلانها بوجود الماء قبل الصلاة وأن الجنب يعود جنبا بعدها إذا وجد الماء وكذلك أمر كل من استباح بها الصلاة أن يطلب الماء للصلاة الأخرى فإذا طلب الماء ولم يجده لزمه التيمم بظاهر قوله * (فلم تجدوا ماء فتيمموا) * قالوا ولما أجمعوا أنه لا تيمم قبل دخول الوقت دل على أنه يلزمه التيمم لكل صلاة لئلا يكون تيممه قبل الوقت وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والليث بن سعد والحسن بن حي وداود يصلي ما شاء بتيمم واحد ما لم يحدث لأنه طاهر ما لم يجد الماء وليس عليه طلب الماء إذا يئس منه والكلام في هذه المسألة بين المختلفين كثير جدا لم أر لذكره وجها ولم يختلف قول مالك وأصحابه فيمن تيمم للصلاة فصلاها فلما سلم منها ذكر صلاة نسيها أنه تيمم لها واختلفوا فيمن صلى صلاتي فرض بتيمم واحد فروى يحيى عن بن القاسم فيمن صلى صلوات كثيرة بتيمم واحد أنه يعيد ما زاد على واحدة في الوقت واستحب له أن يعيد أبدا
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»