الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣١٥
في رحله وهو في الصلاة - قطع وخرج إلى استعماله في الوضوء أو الغسل ثم استقبل صلاته ولم يجز له أن يتمادى في صلاته متيمما وقد وجد الماء وحجتهم أن التيمم لما بطل بوجود الماء قبل الدخول في الصلاة وصار المتيمم في حكم من ليس على طهارة لوجود الماء قبل دخوله في الصلاة فكذلك إذا دخل في الصلاة لأنه لما لم يجز له أن يبتدئ صلاته بالتيمم مع وجود الماء فكذلك لا يجب له التمادي فيها ولا عمل شيء منها بالتيمم وهو واجد للماء وإذا بطل بعض الصلاة بطل جميعها واحتجوا بالإجماع في المعتدة بالشهور ولا يبقى عليها إلا أقلها ثم تحيض - أنها تستقبل عدتها بالحيض والذي يطرأ عليه الماء وهو في الصلاة ولم يبق عليه منها إلا أقلها - كذلك وللفريقين ضروب من الاحتجاج والإدخال والمعارضة تركت ذلك لأن الذي ذكرت كاف وبالله التوفيق وفي هذا الحديث التيمم في السفر وهو أمر مجمع عليه واختلف العلماء [في التيمم في الحضر] عند عدم الماء فذهب مالك وأصحابه - على اضطراب منهم في ذلك - إلى أن التيمم في السفر والحضر سواء إذا عدم الماء أو تعذر استعماله لمرض أو خوف شديد أو خوف خروج الوقت وهذا قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن وحجتهم أن ذكر الله تعالى - المرضى والمسافرين في شرط التيمم خرج على الأغلب ممن لا يجد الماء وأما الحاضرون فالأغلب عليهم وجود الماء فلذلك لم ينص عليهم فإذا لم يجد الحاضر الماء أو منعه منه مانع لا يقدر على دفعه وجب عليه التيمم للصلاة في وقتها لأن التيمم إنما ورد لإدراك وقت الصلاة وخوف فوته محافظة على الوقت فكل من لم يجد الماء وخاف فوت وقت الصلاة كان له أن يتيمم إن كان مريضا أو مسافرا بالنص وإن كان حاضرا صحيحا فبالمعنى والله أعلم وقال الشافعي لا يجوز للحاضر الصحيح أن يتيمم إلا أن يخاف الهلاك على نفسه وبه قال الطبري وقال أبو يوسف وزفر لا يجوز التيمم في الحضر ولا لمرض ولا لخوف خروج الوقت
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»