الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣١٦
وقال الشافعي والليث بن سعد والطبري إذا عدم في الحضر الماء وخاف فوات الوقت جاز له التيمم وإن كان صحيحا كما جاز للمريض والمسافر إلا أنه يعيد إذا وجد الماء وحجة الشافعي وهؤلاء أن الله - تعالى - جعل التيمم رخصة للمريض والمسافر كالفطر وقصر الصلاة ولم يبح التيمم إلا بشرط المرض والسفر لقول الله تعالى * (وإن كنتم مرضى أو على سفر) * [النساء 43] فلا دخول للحاضر ولا للصحيح المقيم في ذلك لخروجهما من شرط الله - تعالى - في ذلك والكلام بين الفرق في هذه المسألة يطول وفيما أومأنا إليه كفاية والحمد لله قال أبو عمر التيمم للمريض والمسافر إذا لم يجد الماء بالكتاب والسنة والإجماع إلا ما ذكرت لك في تيمم الجنب فإذا وجد المريض والمسافر الماء حرم عليهما التيمم إلا أن يخاف المريض ذهاب نفسه وتلف مهجته في استعماله الماء فيجوز له حينئذ التيمم مع وجود الماء بالسنة لا بالكتاب إلا أن يتأول * (ولا تقتلوا أنفسكم) * [النساء 69] والسنة في ذلك ما أجازه النبي - عليه السلام - في حديث جابر من التيمم للمجروح وكان مسافرا صحيحا بقوله ((قتلوه قتلهم الله)) (1) وقد روي من حديث بن عباس أيضا ذكر أبو داود وذكر حديث عمرو بن العاص في خوف شدة البرد والمريض أحرى بجواز ذلك قياسا ونظرا واتباعا لمعنى الكتاب والله أعلم وقال عطاء لا يتيمم المريض إذا وجد الماء ولا غير المريض لأن الله تعالى قال * (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) * [النساء 43 المائدة 6] فلم يبح التيمم إلا عند عدم الماء وفقده ولولا الأثر الذي ذكرنا وقول جمهور العلماء لكان قول عطاء صحيحا والله أعلم
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»