الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢٣٠
وذكر بن أبي شيبة حدثنا معمر بن سليمان عن عبيد الله بن عمر قال رأيت سالم بن عبد الله صلى ركعة من صلاة الغداة ثم رعف فخرج فتوضأ ثم جاء فبنى على ما صلى واحتج من رأى الدم السائل من الجسد ينقض الوضوء بحديث مرفوع من حديث عائشة لا يثبته أهل الحديث ولا عندهم له إسناد تجب به حجة واحتجوا أيضا بقول النبي - عليه السلام - للمستحاضة ((إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهبت فاغتسلي وصلي وتوضئي لكل صلاة)) (1) قالوا فأوجب - عليه السلام - الوضوء على المستحاضة من دم العرق والسائل فكذلك كل دم يسيل من الجسد قال أبو عمر قوله في المستحاضة وتوضئي لكل صلاة لفظ قد اختلف فيه رواة ذلك الحديث وسنذكره في باب المستحاضة إن شاء الله وأما مذهب أهل المدينة فقال مالك الأمر عندنا أنه لا يتوضأ من رعاف ولا قيء ولا قيح ولا دم يسيل من الجسد ولا يتوضأ إلا من حدث يخرج من ذكر أو دبر أو نوم هذا قوله في موطئه وعليه جماعة أصحابه وكذلك الدم عنده يخرج من الدبر لا وضوء فيه ولا وضوء عنده إلا في المعتادات من الخارج من المخرجين على ما تقدم عنه في بابه من هذا الكتاب وإليه ذهب داود وقول الشافعي في الرعاف والحجامة والفصد وسائر الدماء الخارجة من الجسد كقول مالك سواء إلا ما يخرج من المخرجين القبل والدبر فإنه عنده حدث ينقض الوضوء وسواء كان الخارج من المخرجين ماء أو حصاة أو دودا أو بولا أو رجيعا على ما تقدم أيضا من مذهبه في موضعه في هذا الكتاب ومن حجته في ذلك أن دم العرق في المستحاضة إنما وجب فيه الوضوء لأنه
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»