الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢٣٥
وذكر عبد الرزاق عن معمر عن هشام بن عروة قال كانت لي دمامل فسألت أبي عنها فقال إذا كانت ترقأ فاغسلهما وتوضأ وإن كانت لا ترقأ فتوضأ وصل وإن خرج منها شيء فإن عمر قد صلى وجرحه يثعب دما وحديث عمر رواه مالك في ((الموطأ)) عن هشام بن عروة عن أبيه أن المسور بن مخرمة أخبره أنه دخل على عمر بن الخطاب من الليلة التي طعن فيها فأيقظ عمر لصلاة الصبح فقال عمر نعم ولاحظ في الإسلام لمن تركع الصلاة فصلى عمر وجرحه يثعب دما ورواه سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه قال حدثني سليمان بن يسار أن المسور بن مخرمة أخبره قال دخلت أنا وبن عباس على عمر حين طعن فقلنا الصلاة فقال ((أما إنه لاحظ لأحد في الإسلام أضاع الصلاة)) فصلى وجرحه يثعب دما ذكره عبد الرزاق ووكيع عن الثوري وذكر بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب أن سليمان بن يسار أخبره أن المسور بن مخرمة أخبره عن عمر بن الخطاب إذ طعن أنه دخل هو وبن عباس من الغد فأفزعوه للصلاة ففزع وقال ((نعم لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة)) فصلى والجرح يثعب دما وروى معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال لما طعن عمر احتملته أنا ونفر من الأنصار حتى أدخلناه منزله فلم يزل في غشية واحدة حتى أسفر الصبح فقال رجل إنكم لن تفزعوه بشيء إلا بالصلاة قال فقلنا الصلاة يا أمير المؤمنين قال ففتح عينيه ثم قال أصلى الناس قلنا نعم قال ((أما إنه لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة)) فصلى وجرحه يثعب دما وأما قول عمر لاحظ في الإسلام فالحظ النصيب يقول لا نصيب في الإسلام وقوله يحتمل وجهين (أحدهما) خروجه من الإسلام بذلك (والآخر) أنه لا كبير حظ له في الإسلام كما قيل لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (1) ولا إيمان لمن لا أمانة له (2) وليس المسكين بالطواف (3) ونحو هذا @ 236 @ وهو كلام خرج على ترك عمل الصلاة لا على جحودها وأجمع المسلمون أن جاحد فرض الصلاة كافر حلال دمه كسائر الكفار بالله وملائكته وكتبه ورسله ولا له دين يفر عليه دمه واختلف في تارك الصلاة وهو قادر عليها غير جاحد بفرضها فثبت عن عمر قوله ((لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة)) وثبت عن بن مسعود أنه قال ما تارك الصلاة بمسلم وروي عن النبي - عليه السلام - أنه قال ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) (1) وآثار كثيرة مذكورة في التمهيد بنحو ذلك وقال مالك وأصحابه إذا أبى من الصلاة وقال لا أصلي ضربت عنقه وهو معنى قول الشافعي وقال الشافعي يقول له الإمام صل فإن قال لا أصلي سئل عن العلة التي من أجلها ترك الصلاة فإن ادعى علة بجسده لا يطيق من أجلها القيام والركوع والسجود قيل له صل كيف أطقت فإن قال لا أصلي وحضر وقتها فلم يصل وأبي حتى خرج وقتها قتله الإمام ذكره الطبري عن الربيع عن الشافعي وذكر المزني قال الشافعي يقال لمن ترك الصلاة حتى خرج وقتها بلا عذر إن صليت وإلا استتبناك فإن تبت وإلا قتلناك كما من يكفر يقال له إن آمنت وإلا قتلناك وقد قيل يستتاب ثلاثا فإن صلى فبها وإلا قتل وذلك حسن قال المزني وقد قال في المرتد إن لم يتب قتل ولا ينتظر به ثلاثا لقوله
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 237 238 239 240 241 ... » »»