الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٩٧
وإنما كان الخلفاء يحتاجون إلى الإذن بالصلاة مع الأذان لما كانوا فيه من الشغل بأمور المسلمين وفي هذا الحديث من الفقه تقديم كتاب الله ومعانيه في طلب الحجة ورواية من روى لولا أنه في كتاب الله - هو يحيى - معناه لولا أن تصديقه في كتاب الله والله أعلم وتأول مالك ذلك على الآية التي ذكر قوله تعالى " إن الحسنات يذهبن السيئات " وقد روي عن عروة في ذلك أنه قال معنى قوله تعالى * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى) * الآية وقال بكلا الوجهين جماعة العلماء ورواية بن بكير وطائفة لولا أنه في كتاب الله وروايته أيضا محتملة للوجهين جميعا وفي هذا الحديث أيضا أن الصلاة تكفر الذنوب وهو تأويل قوله " إن الحسنات يذهبن السيئات " على ما نزع به مالك والقول في ذلك عندي كالقول في قوله عليه السلام ((الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر)) (1) لأن الكبائر لا يمحوها إلا التوبة منها وقد افترضها تعالى على كل مذنب بقول " وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون " [النور 31] والفرائض أيضا لا تؤدى إلا بقصد وإرادة ونية صادقة وقد أوضحنا هذا المعنى في التمهيد وذكرنا هناك حديث بن عباس عن النبي - عليه السلام - أنه قال ((لم أر شيئا أحسن طلبا ولا أحسن إدراكا من حسنة حديثة لذنب قديم)) ثم قرأ " إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين " 53 - مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»