الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٩٤
وقد توضأ - عليه السلام - مرة مرة ومرتين مرتين ومحال أن يقصر عن ثلاث لو كانت وضوء إبراهيم والأنبياء قبله وقد أمر أن يتبع ملة إبراهيم وقد روى عبد الله بن بسر عن النبي - عليه السلام - أنه قال ((أمتي يوم القيامة غر من السجود ومحجلون من الوضوء)) (1) ومن حديث أبي هريرة قال قال رسول الله - عليه السلام - ((تردون علي غرا محجلين من الوضوء سيمى أمتي ليس لأحد غيرها)) (2) ومن حديث أبي ذر وأبي الدرداء قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إنه أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة وأول من يؤذن له برفع رأسه فانظر بين يدي فأعرف أمتي بين الأمم وأنظر عن يميني فأعرف أمتي بين الأمم وأنظر عن شمالي فأعرف أمتي بين الأمم فقال رجل يا رسول الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم ما بين نوح إلى أمتك قال غر محجلون من آثار الوضوء ولا يكون من الأمم كذلك أحد غيرهم)) (3) ومن حديث بن مسعود أنهم قالوا يا رسول الله كيف تعرف من لم تر من أمتك قال ((غر محجلون بلق من الوضوء)) (4) وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث في التمهيد وكلها تدل على صحة ما ذكرنا من أن هذه الأمة مخصوصة بالغرة والتحجيل من سائر الأمم والله أعلم وأما قوله ((فسحقا)) فمعناه فبعدا والسحق والبعد والإسحاق والإبعاد والتسحيق والتبعيد سواء وكذلك النأي والبعد لفظتان بمعنى واحد إلا أن سحقا وبعدا هكذا إنما يجيء بمعنى الدعاء على الإنسان كما نقول أبعده الله وقاتله الله وسحقه الله ومحقه الله أيضا ومن هذا قوله تعالى * (في مكان سحيق) * [الحج 31] يعني من مكان بعيد
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»