الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١١٤
يتطوع بركعتين وبأكثر قبل أن يصلي العصر ثم يصلي العصر والشمس بيضاء نقية ولا يجوز ذلك في تلك الساعة لمن قد صلى العصر والصبح وقال آخرون أما الصلاة بعد الصبح إذا كانت نافلة أو سنة ولم تكن قضاء فرض فلا تجوز لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس نهيا مطلقا إلا أنه موقوف على كل ما عدا الفرض من الصلاة لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس أو من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك) يعني الوقت وممن قال بهذا مالك بن أنس وأصحابه وإليه ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه قال أحمد وإسحاق لا يصلى بعد العصر إلا صلاة فائتة أو صلاة على جنازة ومذهب مالك في ذلك هو مذهب عمر بن الخطاب وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وهم رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وهم أعلم بما رووا وحسبك بضرب عمر على ذلك بالدرة ولا يكون ذلك إلا عن بصيرة وكذلك بن عباس روى الحديث في ذلك عن عمر عن النبي - عليه السلام - قال به علي ظاهره وعمومه حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا قتادة عن أبي العالية عن بن عباس قال حدثني رجال مرضيون منهم عمر - وأرضاهم عندي عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس)) (1) وهذا الحديث هو أثبت الأحاديث رواه عن قتادة جماعة منهم شعبة وسعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي وأبان العطار وهمام بن يحيى ومنصور بن زاذان ولم يختلفوا فيه وإليه ذهب بن عباس أنه سأله عن الركعتين بعد العصر فنهاه عنهما فقال لا أدعهما فقال بن عباس * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) * [الأحزاب
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»