والفتن والمنازعات الداخلية والخارجية، واشتد الخلاف بين السنة والشيعة، وعظم الخطب ببغداد بأمر الحرامية، حيث أخذوا أموال الناس عيانا، وقتلوا صاحب الشرطة، وعظم النهب، وخذل السلطان والأمراء حتى لو حاولوا دفع فساد لزاد، وتملك العيارون ببغداد في المعنى، وقلت الموارد، وفشا الجوع، وارتفعت الأسعار، وظهر الغلاء المفرط حتى أكلوا الكلاب والميتة، وبلغت كارة الخشكار، أي النخالة، عشرة دنانير، ومات من الجوع خلق كثر.
ونتيجة لهذه الأوضاع المتردية انتشرت الأمراض في كثير من الأقاليم، ونزل بالناس وباء عظيم، مات فيه خلق كثير لا يحصون، في بغداد وبخارى والأهواز وأذربيجان، وليس للناس شغل في الليل والنهار إلا غسل الأموات وتجهيزهم ودفنهم، فكان يحفر الحفير فيدفن فيه العشرون والثلاثون.
ومما زاد في تردي الحالة الاجتماعية حدوث الزلازل والكوارث الطبيعية، فقد حدث زلزال عظيم في خوزستان (444 ه) وخراسان وكان أشده بمدينة بيهق " بلد الإمام البيهقي " وخراب سورها ومساجدها.
ولو استعرضنا جميع الحوادث التي صاحبت هذه الفترة لطال بنا الحديث، فقد كانت فترة عصبية وقاسية على الأمة والإسلامية، وذلك لانعدام السلطة المركزية، وكثرة الفتن والمنازعات، بالإضافة إلى انتشار الأمراض والكوارث الطبيعية.
ثالثا: الناحية العلمية:
على الرغم مما أصاب المسلمين من الناحيتين السياسية والاجتماعية،