ناسخ الحديث ومنسوخه - عمر بن شاهين - الصفحة ٦٦
كما أنه لم يخصص فصلا للتعريف بعلم الناسخ والمنسوخ، وذكر شرائطه وأركانه وما إلى ذلك، مما يقرب القارئ أكثر من هذا العلم الجليل. باختصار شديد أقول ما قاله الذهبي: (ما كان الرجل بالبارع في غوامض الصنعة، ولكنه راوية الإسلام رحمه الله).
ومع كل هذا يبقى كتاب: (ناسخ الحديث ومنسوخه) للحافظ أبي حفص ابن شاهين، من أهم ما صنف في هذا العلم، فهو يضم بين دفتيه كما هائلا من الأحاديث النبوية في مختلف المواضع، ويخرج في الموضوع الواحد عددا كبيرا من الأحاديث، ويخرج الحديث الواحد من طرق متعددة، تصل في بعض الأحيان إلى ثمانية طرق، مثال ذلك من حديث سبرة بن معبد الجهني، في باب نكاح المتعة، ونادرا جدا ما يخرج الحديث من طريق واحد أو طريقين، مما يزيد الحديث قوة. وقد تفرد في كتابه هذا بمجموعة من الأحاديث، مما جعل من كتابه مرجعا مهما لتخريج تلك الأحاديث الأفراد، فالحافظ ابن حجر مثلا، اعتمد عليه كثير في تخريج مجموعة مهمة من هذه الأحاديث، كما اعتمد عليه ابن الجوزي، والزيلعي، والنووي، والعيني، والشوكاني، والسيوطي، وغيرهم. كما ضمن كتابه أقوال الفقهاء وأصحاب المذاهب، في معظم المسائل الفقهية، ولا يفوته التعليق على الحديث، والكلام على رجال الإسناد من حين لآخر، خاصة الضعفاء منهم، انظر على سبيل المثال تعليقه الذي يلي أحاديث رقم: (359 - 362 - 382 - 568 - 569 - 570).
وقد اختصر كتابه هذا، ابن عبد الحق الواسطي (ت 774 ه‍) في مجلد.
وهذا إن دل على شئ، فهو يدل على أهمية هذا الكتاب.
بقي أن أضيف، أن القارئ العادي، لن يفيده كثيرا هذا الكتاب في معرفة ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه، إذ يتطلب من قارئه علما مسبقا بعلم الناسخ
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»