لهذا عنون المصنف كتابه ب (ناسخ الحديث ومنسوخه). ولم يعنونه مثلا ب:
(المتعارض من الأحاديث النبوية)، وقد أوهم هذا العنوان بعض العلماء، فظنوا أن كل ما جاء في هذا الكتاب هو ناسخ ومنسوخ من الأحاديث النبوية، منهم: الحافظ ابن حجر، والشيخ العيني، قال ابن حجر - على سبيل المثال - في مسألة المضمضة من اللبن: (وأغرب ابن شاهين فجعل حديث أنس ناسخا لحديث ابن عباس، ولم يذكر من قال فيه بالوجوب حتى يحتاج إلى دعوى النسخ). وقال العيني في نفس المسألة:
(فإن قلت: أدعى ابن شاهين أن حديث أنس ناسخ لحديث ابن عباس، قلت: لم يقل به أحد، ومن قال فيه بالوجوب حتى يحتاج إلى دعوى النسخ). مع أن ابن شاهين لم يصرح بالنسخ في هذه المسألة، وإنما اكتفى بتخريج الحديث والحديث المعارض له فقط، انظر: باب المضمضة من اللبن. فابن شاهين إذن التزم بتخريج المتعارض من الأحاديث النبوية، فمرة يخرج الحديث، والحديث المخالف له، فإذا كان هناك ناسخ ومنسوخ بينه، وإذا لم يكن نفاه، وإذا لم يكن كذلك تعارض بين الأحاديث، نفى وجود التعارض... وهكذا، ولكنه في كل هذا لم يلتزم - في بعض الأحيان - بقواعد ذلك كله، فمرة يأتي مثلا بأحاديث ضعيفة جدا، وينسخ بها أحاديث صحيحة، مثال ذلك من حديث ابن عمر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القران إلا أن تستأذن صاحبك)، هذا حديث صحيح، انظر حاشية حديث رقم (567)، ونسخه بحديث ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني نهيتكم عن القران في التمر، وإن الله عز وجل قد أوسع الخير فاقرنوا)، وهذا الحديث ضعيف جدا لا يصلح للاحتجاج، قال ابن الجوزي: (لا أصل له). انظر حاشية حديث رقم (569)، والحاشية المرافقة له، والغريب في الأمر أن المصنف يعترف بصحة الحديث الأول، ويضعف الحديث الذي ثبت عنده أنه ناسخ، فيقول معلقا على أحاديث الباب: (والحديث الذي في النهي عن القران صحيح الإسناد، والحديث الذي في الإباحة فليس بذاك القوي). وهذه المسألة تكررت كثيرا في كتابه هذا. أو تكون الأحاديث التي ثبت عنده ناسخة ومنسوخة، ضعيفة معا... وهكذا، لكن يظهر أن ابن شاهين يتوخى استيعاب كل ما قيل فيه ناسخ ولو لم يتوفر فيه الشروط، واستيعاب الأحاديث الواردة في موضوع واحد وإن كانت ضعيفة، أمر معروف في عصر ابن شاهين وقبله، وهم يتبرأون من عهدة الحديث بذكر